|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
الساعة البيولوجية وأسرارها؟
((الساعة البيولوجية وأسرارها؟)) الإنسان أصبح مريضآ بسبب التوقيت فنحن ندعوا سائقي السيارات للسفر في أخطر الأوقات..ونحن نحطم الساعة الداخلية لأطفالنا ولقد كدنا نتسبب في بعض الأوقات في حدوث كارثة في مفاعل نووي وكل ذلك بسبب جهلنا بالإيقاعات البيولوجية. ماهي الإيقاعات البيولوجية الرئيسية؟ هناك العديد من الإيقاعات البيولوجية وأكثر هذه الإيقاعات التي نعرفها هي التي تتم في خلال 24 ساعة مثلآ إيقاع الصحو والنوم وهناك إيقاع الدورة الشهرية الذي يحسب في فترة 30 يومآ والإيقاعات السنوية وبجوار هذه الإيقاعات البطيئة نسبيآ يوجد العديد من الإيقاعات الأكثر قصراً. والنوم هو نفسه ينقسم الى عدة مراحل إيقاعية سريعة جدآ لاتستمر أكثر من ثوان معدودات او حتى قسم من الثانية. ان تعدد هذه الإيقاعات قد أثبت ان الزمن هو بالمثل حجم بيولوجي ولهذا السبب فان علم الإيقاعات قد أتخذ اهمية قصوى..والجدير بالذكر اننا نرث إيقاعاتنا مثلما نرث بقية مواصفاتنا البيولوجية نتوارثها من ماضينا كصيادين ومزارعين نعيش في إتصال وثيق بالطبيعة وهذا يؤثر على كل حياتنا ولهذا السبب نجد هذه الإيقاعات ثابتة في اعماقنا لدرجة انه عندما يصاب جسدنا بالخلل فنحن نستمر في الخضوع لهذه الإيقاعات مثلما يحدث في مرض (الزهايمر) وهو نوع من الجنون الذي يصيب المسنين وهنا تجد المصاب بالرغم من تدهور حالته الصحية الا انه يظل محتفظا بإيقاعاته البيولوجية. ترى هل حياتنا اليومية مطابقة المتطلبات ساعتنا البيولوجية؟ لايبدو وكأن هذا هو الحال دائمآ فالإنسان مريض بالزمن لأن نمط الحياة الذي يعيشه لايتطابق مع إيقاعه البيولوجي وأهم مثال على ذلك ان العاملين اثناء الليل مثلآ يحتاجون بشدة إلى فترات ولو قصيرة جدآ من النوم لاتزيد عن ساعتين او ثلاث بين العاشرة مساء والسادسة صباحآ وعدم احترام هذه القاعدة قد تكون له نتائج خطيرة وهذا ما حدث بالضبط في كارثة مفاعل (ثري مايل ايلاند) بالولايات المتحدة الأمريكية. يقول البروفيسور (نوربرت): لقد عملت اجهزة الانذار بالفعل ولكن المشغلين لم ينتبهوا بسبب عدم صحوتهم والسبب واضح فان فترة عملهم الليلي لم تحترم إيقاعهم البيولوجي ولقد حدثت الكارثة في الرابعة فجرآ في الوقت الذي يضعف فيه الإنتباه وفي الواقع أن علم الإيقاعات البيولوجية له تطبيقات اساسية مثلآ فهو يسمح بتناول الأدوية في ساعات محددة من النهار حتى يتمشى مع إيقاع الانسان البيولوجي كما يقترح إيقاعات مدرسية تتلائم مع معطيات علم الأحياء وبالتالي فلا يفيد لو اجبرنا الطفل مثلآ على العمل اثناء ساعات النهار التي يحتاج خلالها الى النوم. ترى هل الإيقاعات البيولوجية التي نفرضها على الأطفال مقبولة من الناحية البيولوجية؟ ان المعركة الأزلية القائمة بين الإيقاعات المدرسية توضح تمامآ النزاع القائم بين علم الأحياء وبعض الممارسات الاجتماعية وبالتحديد بين عدم التوازن في الأيام المحملة بالعمل والاجازات الطويلة. وفي الواقع هناك العديد من الجداول الزمنية تلائم متطلباتنا البيولوجية التي اقترحها العلماء مثل الجدول الزمني الذي اقترحه البروفيسور(هوبيرمونتانييه) من مدينة بيزانسون حاول فيها تنظيم الإجازات بحيث تتلائم مع إيقاعات البالغين والأطفال وفيما عدا النزاع القائم حول تواريخ الإجازات في العديد من الدول فان علم الإيقاعات البيولوجية يوفر لنا معلومات محددة حول تفاصيل اليوم الدراسي ويؤكد أحد الخبراء في هذا المجال (آلان رنبرج) ان التثاؤب عند الأطفال يحدث عادة في الفترة ما بين العاشرة الى الحادية عشرة كما ان أعلى درجة من الشراسة عند الأطفال تكون اثناء الحصة الأولى قرب العاشرة صباحآ اما الإيقاعات الزمنية عند طلبة الثانوي فهي تختلف حيث تجد افضل الفترات الملائمة لبذل مجهود ذهني ما بين الثامنة صباحآ والواحدة ظهرآ وما بين الخامسة الى التاسعة مساء..كذلك يبدو وكأن الإيقاعات الغذائية عند الطفل لاتبدو ملائمة لطبيعته فعندما اجريت تجارب على بعض الأطفال من الذين لم يبلغوا بعد الرابعة من عمرهم في أحد الملاجيء لوحظ انهم تناولوا طعامهم مساء وصباحآ في حين انهم لم يأكلوا الا قليلآ في وسط النهار على عكس ما أعتاد الأهل أن يعودوا اطفالهم عليه. يؤكد العلماء ان هناك ساعة داخلية بيولوجية في جسم الانسان وعندما تصاب بالعطل يمكن اصلاحها ويؤكد العلماء بالمثل انه من الممكن الإعتماد عليها لإعطاء الأدوية مزيدآ من الفعالية. وفي الوقت الحالي اصبح علم الإيقاعات البيولوجية يساعد على شفاء الانسان. يقول الدكتور (فرانسيس) استشاري طب النوم الذي يعمل في مجال دراسة الإيقاعات البيولوجية في معهد فيللوجويف للسرطان وعلم المناعة الوراثي والخبير في معهد روتشايلد وعضو بفريق علم الإيقاعات البيولوجية الذي يرأسه البروفيسور (آلان رنبرج): ان مختلف وظائف الجسم ليست دائمة فهي تختلف في المساحة الزمنية ولها دورات وهذا مايطلق عليه اسم إيقاعات بيولوجية..درجة حرارة الجسم مثلآ تكون مرتفعة اكثر مابين الرابعة بعد الظهر الى السادسة في حين ان إفراز الكورتيزول بواسطة الغدد الكظرية الموجودة (فوق الكُلى) اهم في الثامنة صباحآ. ترى هل توجد امراض تصيب المرء في ساعات محددة؟ بالفعل هذا يحدث..مثلآ الجلطة كثيرة الحدوث في نهاية الليل او في بداية النهار والسبب في ذلك يعود الى ارتفاع في نسبة تجلط الدم في الثامنة صباحآ وهذا ايقاع فسيولوجي طبيعي قد يتكرر بصورة مبالغ فيها في بعض المواقف المرضية. كذلك فان طبيعة الشعب الهوائية انها تصاب بالضيق في الليل وهذا ما يفسر اصابة المرء بالربو المسائي. هل توجد إيقاعات موسمية مثلما توجد إيقاعات يومية؟ العديد من الأمراض تتميز بإيقاعات موسمية ونحن نتحدث هنا عن تشوهات خلقية وبعض انواع السرطان او تشوهات في السلوك كذلك توجد إيقاعات موسمية للعدوى ويمكن إعتبارها نتيجة طبيعية لاحداث دورية بيئية..ولقد اشير الى البرد والرطوبة وجزيئات الماء المليئة بفيروسات ولذلك لابد ان نضع في اعتبارنا أن هناك دورات خارجية مثلما هناك دورات داخلية..كما نجح الخبراء في البرهنة على ان وظائف مناعة الجسم على المدى الطويل او القصير تختلف بصورة إيقاعية عند الانسان على مدى الأربع وعشرين ساعة وعلى مدى العام بأكمله. وفيما يتعلق بالنفسية ترى هل هناك تغيرات إيقاعية عند البشر؟ لطالما كثر الحديث عن إكتمال القمر فمن المعروف انه يؤثر كعامل منظم ومتزامن على فترة الـ 28 او الـ 29 لنشاط العديد من الحيوانات المائية مثل القبقب ولكن لم يثبت بصورة علمية ان للقمر تأثيرآ فعليآ على ظاهرة الولادة او على بعض سلوكيات الانسان غير ان هذا لايمنع أن للقمر تأثيرآ على بعض الأفراد. في مجال علم النفس يقولون ان بعض حالات الإنهيار العصبي تتميز بتغير في الإيقاعات البيولوجية إيقاع النشاط والراحة والإيقاع الحراري والأشخاص المصابين بهذا المرض لايعيشون على إيقاع 24 ساعة بل على إيقاع اكثر اواقل طولآ ولكي يعاد تنظيم إيقاعاتهم تقتضي احد الأساليب العلاجية تعريضهم لضوء باهر يعيق افرازهرمون ميلاتونين تفرزه الغدة الصنوبرية الموجودة بالمخ وبالتالي فان نسبة الميلاتونين تنخفض عندما يزداد مستوى الإضاءة وفي الظلام يعود إلى التزايد مرة اخرى وبالتالي فان هذا الهرمون هو هرمون الظلام وبالتالي فمن الممكن معالجة فوضى ساعة الجسد البشرية. أين تتركز هذه الساعات البيولوجية عند الانسان؟ في البداية كان الإعتقاد السائد بأن هناك ساعة بيولوجية واحدة تنسق مجموعة وظائف الجسم وبما ان اول إيقاع عثر عليه هوالكورتيزول فقد ساد إعتقاد بأن الغدة التي تفرزه تسيطرعلى كل الإيقاعات البيولوجية ولكن العلماء ما لبثوا ان ادركوا ان إعتقادهم خاطيء بما ان غياب الغدد الكظرية لايمنع حدوث بعض الإيقاعات البيولوجية الأخرى ثم ساد إعتقاد بأن الغدة النخامية وهي غدة تقع عند قاعدة المخ هي الساعة البيولوجية ولكن هذا الإعتقاد لم يدم طويلآ وبالتالي فقد اتجه العلماء إلى الغدة الصنوبرية التي اعتبرت فترة الساعة البيولوجية المثالية ولكن العلماء اتجهوا مؤخرآ إلى النواة التصالبية المتفوقة التي تقع فوق ملتقى اعصاب العين وهي تلعب دورآ مهم جدآ حيث تنسق الإيقاعات البيولوجية وقد تبين أن هذه النواة لاتشكل الساعة البيولوجية للانسان وان كان وجودها أساس الوجود كل الإيقاعات البيولوجية والإعتقاد السائد على أن لكل خلية إيقاعها البيولوجي الخاص ولكل مخلوق حي إيقاعه البيولوجي ولقد تم مؤخرآ إكتشاف جين عند الذبابة يرمز الى بعض النشاطات الإيقاعية. هناك فرع يقوم بدراسة الإيقاعات البيولوجية التي تؤثر على مستقبل الأدوية واستيعابها عن طريق الهضم وقيام الكُلى بالتخلص منها والكبد بالتمثيل الغذائي لها ولمزيد من الفعالية لابد ان نضع في اعتبارنا إيقاعات مختلف الأمراض وإيقاعات الأدوية بالمثل: مثلآ نحن نعلم ان اغلبية سياقات الإلتهابات تصل إلى ذروتها في الليل وبالتالي من المنطقي اعطاء دواء المعالجة الإلتهاب قبل النوم ومن هنا أدرك الأطباء اهمية اعطاء الأدوية في الوقت الذي يكون لها فيه أكبر قدر من الفعالية. في انواع العلاج التي تستهدف السرطان يستخدمون عادة مواد سامة وبالتالي فلا بد من إعطاء جرعة كافية منها لكي تحارب السرطان بفعالية وليست قوية بحيث تؤذي الانسان..ولقد اجريت تجارب على حيوانات المعامل لتحديد افضل وقت تتقبلها فيه مختلف الأعضاء المستهدفة من الجسم مثل النخاع الشوكي أو الكُلى وافضل وقت يحقق اقصى فعالية للدواء وهكذا عرف العلماء افضل الأوقات عند الفأر لتقبل 21 من المواد التي تكافح السرطان وبذلك يمكن القول انه في كل ساعة من ساعات النهار يوجد ساعة معينة تقل بها نسبة السموم من هذه الأدوية. والجدير بالذكر أن هذه الأدوية لاتتبع نفس هذه السياقات ومن خلال التجارب التي اجريت بالأدوية امكن التوصل إلى افضل توقيت لإعطاء الدواء بحيث يحقق اقصى فعالية عند حيوان التجارب. ولكن عند الانسان لازلنا نفتقر الى العديد من المعلومات بهذا الصدد وان تم التوصل الى مايفيد بانه من الأفضل اعطاء ادوية معينة في اوقات محددة بعد ان كانت تعطى في أي وقت. والجدير بالذكر أن الأطباء المتخصصين في هذا المجال يعملون بالتنسيق مع اطباء جامعة مينيسونا وجامعة لبيج وتسعة مراكز طبية اخرى تهدف من خلال جهودها الى البرهنة على ان احترام المواقيت اثناء العلاج بالأدوية يمثل مكسبآ بالنسبة لتقبل الانسان لهذا الدواء وفاعليته وفي الأعوام الأخيرة لجأ الأطباء إلى نظام برمجة مواعيد الأدوية عن طريق استخدام مضخات مبرمجة يمكن استخدامها في المنزل بواسطة المريض وهي اما مضخات مزروعة داخل جسم المريض أو مضخات خارجية يتم فحصها دوريآ بالمستشفيات وميزة هذا الأسلوب انه يغني المريض عن الرقود بالمستشفى فترة طويلة وبالتالي فهو يمارس حياته بصورة عادية. المصدر: مدونة فهد الحربي |
|
|