التوتر يعكر الحياة

((التوتر يعكر الحياة)) هو ظاهرة طبيعية وسياق طبيعي وضروري يؤمن التوازن النفسي..وهو ايضآ المحرك الإيجابي الذي يدفع البعض الى المزيد من النجاح والتفوق..في حين هو عند آخرين مؤشر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-27-2024, 09:31 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 296
افتراضي التوتر يعكر الحياة

((التوتر يعكر الحياة))

هو ظاهرة طبيعية وسياق طبيعي وضروري يؤمن التوازن النفسي..وهو ايضآ المحرك الإيجابي الذي يدفع البعض الى المزيد من النجاح والتفوق..في حين هو عند آخرين مؤشر على شيء يؤذي النفس فينعكس امراضآ شتى على أجسامهم..
هذا ما جاء في كتاب ظهر عن التوتر بعنوان (التوتر هو الحياة نفسها) لمؤلفه الدكتور (سولي بن صابات) مدير مركز مكافحة التوتر بالمركز الطبي فرانسوا الأول بفرنسا.
ويوضح الدكتور (سولي) فهمه العلمي لمصطلح التوتر فيقول: ان التعريف العلمي لكلمة توتر هو انه (عدة سياقات فسيولوجية تتيح الفرصة للإنسان لكي يكيف وظائف الجسم الحيوية مثل تكوين الدم او درجة حرارة الجسم وبالتالي فان التوتر ينظم حالتنا الصحية ) فالجسم البشري يحتاج الى محركات من الخارج حتى يكون له رد فعل لما يحيطه من ظواهر الحياة..الا ان للجسم حدودآ وقدرة على التحمل وبالتالي فان كان المحرك عنيفآ للغاية اومتكررآ فقد يعجز الجسم عن تقبله وهنا ينعكس التوتر بمفهومه العلمي في صورة مرض يصيب الجسم والنفسية.
كيف ينعكس التوتر على الإنسان؟
الإنسان قد يتعرض الى ثلاثة أنواع من الإثارة: الإثارة الجسدية كتعرضه للضرب مثلآ او جرح او ألم او ملاطفة من أي نوع..وإثارة نفسية وإنفعالية مثل الخوف وشعور عدم الرضا والفرح والحب والحنان..واخيرآ اثارة حسية كتعرض الإنسان الى الضوضاء والبرد اوعلى عكس ذلك رائحة عطر او موسيقى حالمة او جو من الهدوء وفي كل مرة ينعكس رد فعل جسمنا بنفس وسائل التكيف على مستوى المخ ويتبع نفس المسارات وينعكس رد فعل الجسم في صورة مجموعة من الإفرازات الهرمونية (الأدرينالين والكورتيزول) والتغيرات البيولوجية المسؤولة بدورها عن عدد من الظواهر الوظيفية او العضوية مثل إحمرار الوجه او شحوبه والعرق وإقشعرار وخفقان القلب..وفي الوقت نفسه فان جسمنا يكون سكريات ودهون بكمية أكثر حتى يتمكن من توليد الطاقة الاضافية التي يحتاجها ليقاوم هذا الموقف الفريد من نوعه واليكم مثالآ واضحآ على ذلك لنقارن مثلآ مخنا ببنك مزود بنظام انذار على إتصال بقسم الشرطة ومهما كان الأسلوب المتبع لإقتحام البنك فان جهاز الإنذار سيعمل وبالتالي فإن الشرطة ستتدخل وهذا التدخل مرادف لرد فعل الجسم البيولوجي وكلما كان الإعتداء الخارجي على الجسم مهمآ كلما كان سياق رد الفعل البيولوجي والفسيولوجي في عملية التكيف قويآ وكانت نتائجه حساسة وهنا يصبح المرء معرضاً للخطر.
عمومآ فإن عملية التكيف مع الإثارة الخارجية تتم على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى وهي مرحلة الإنذار التي يقابلها ردود فعل متباينة من جانب الأشخاص فالبعض يرفع صوته والبعض قد يبكي او ينهار او يحمر أو يشحب من شدة الإنفعال او يرتفع ضغط دمه أو يصاب بالذعر والتوتر.
اما المرحلة الثانية هي مرحلة المقاومة: فالمرء يتعود على الإثارة ويحاول الجسم أن يعيد توازنه وهنا قد يصاب المرء بإضطرابات قلبية او هضمية او جلدية او بإضطرابات تصيب المفاصل او جهاز المناعة مثلما يحدث في كثير من الأحيان في حالات الحزن على الوفاة او الطلاق والمرض الطويل وهذه الإضطرابات تتوقف اذا ما أختفى السبب المحرك.
اما في حالة استمرار الإعتداء الخارجي على الجسم او الإثارة الخارجية فنحن نواجه المرحلة الثالثة مرحلة الإنهاك حيث تنهار مقاومة الجسم وتظهر أمراض خطيرة وهذا لحسن الحظ امر نادر والمرض يحدث عندما يكون التوتر عنيفآ جدآ ومتواصلآ او عندما يعجز رد فعل المرء على التصدي للموقف.
ويؤكد الدكتور(سولي) أن هناك ثلاثة نماذج لأنماط نفسية مختلفة: النمط الأول هو للشخص السهل الإثارة الشرس الذي يغضب بسهولة والمنفتح وكثيرآ ما يوصف هذا النمط من الأشخاص بأنه من النوع المندفع الطموح والذي يقهر العقبات التي تعيق سبيله وهو يعيش في حالة توتر دائم ولايذوق طعم الإسترخاء وكثيرآ مايضحي بأسرته وبحياته العاطفية في سبيل تحقيق طموحاته العملية وافرازه الزائد عن حده للأدرينالين يعرضه بشدة الى الإصابة بذبحة صدرية وبإرتفاع ضغط الدم وبنزيف في المخ.
النمط الثاني من الأشخاص هو الذي يجسد القوة الهادئة وهو متوازن هادئ قادر على مواجهة التحديات ومسيطر تمامآ على إنفعالاته وهو متفائل ولايكاد يعاني من التوتر وهذا النمط للأسف من ضمن أقلية قليلة.
اما النمط الثالث وهو الانطوائي أو الذي يبدو مظهره هادئآ في حين انه ليس كذلك فهو لايكف عن المعاناة من القلق وتوقع الكوارث قبل حدوثها وأمثال هذا الشخص تظهر ردود فعله مهما كانت عنيفة ورد فعله الوحيد على التوتر هو بإفراز (الكورتيكويد)وهو معرض الى إنخفاض مستوى جهاز المناعة في جسمه والى الإصابة بالإرهاق في غدده فوق الكظرية (التي تفرز هذا الكورتيكويد) الأمر الذي يعرض الشخص الى العدوى والارهاق والروماتيزم والانهيار العصبي الا انه ليس هناك فرقآ واضحآ بين هذه الأنماط الثلاثة من الشخصيات حيث سنجد احيانآ نمط منها يتصرف برد فعل النمط الثاني مثلآ شخص نشاطه زائد لايتعرض للمرض من جراء عنف التوتر الذي يصيبه في حين اننا قد نشاهد شخص هادئ يصاب بذبحة.
ويستأنف الطبيب قائلآ: ان كل إنسان يحمل بداخله ميكروبات في رئتيه وحنجرته ومعدته وامعائه دون ان يصاب بالمرض فالميكروبات لاتصبح ضارة الا عندما يضعف جهاز المناعة وكل شخص له رد فعل خاص به على اي توتر يصيبه رد فعل ناتج عن عوامله الوراثية وماضيه وتجاربه وحالته المعنوية..اما القدر المثالي من التوتر الضرورية لإعطائنا دفعة ايجابية فهي تختلف من شخص إلى آخر فالبعض يبكي والبعض الآخر يظل جامدآ ولذلك فان اهم نقطة تنحصر في معرفة الإنسان لمدى قدراته على تحمل الضغوط الخارجية.
اما عن مسألة إيجاد حبوب تعالج التوتر الضار فأعتقد انه لاتوجد مثل هذه الأقراص لأن المسألة مرتبطة بسياق كامل يرسل رسالة الى المخ تنعكس برد فعل ضغوط او ضيق وتسبب إفرازات هرمونية..بعض الأطباء يصف لمرضاه المتوترين حبوبآ مهدئة لاتساعده الا على تخطي الأزمة وهناك تجارب حالية في انجلترا والولايات المتحدة لإنتاج مواد قادرة على منع إفرازات الأدرينالين او الكورتيكويد التي يفرزها التوتر الا ان هذه التجارب لم تتوصل بعد إلى نتائج فعالة كما ان لها آثار جانبية قد تكون ضارة.
ماهي افضل وسيلة لمحاربة التوتر الضار؟
هذه الوسيلة تعتمد على مبادىء بسيطة:
اولآ على كل إنسان دراسة نفسه جيدآ لمعرفة مدى قدراته وردود فعله وإنفعالاته ثم استعراض أسباب التوتر الذي يصيبه ومصادرها..العمل او الأسرة أو اسباب اخرى ولذلك لا بد ان يكون المرء صريحآ مع نفسه وان يقر بعيوبه ونقاط ضعفه..وعندما يتوصل الى معرفة أسباب التوتر فان الحل المثالي يقتضي منه إستبعادها وهذا أمر ليس سهلآ بالطبع ولذلك لابد أن يحاول الشخص الضغط على اعصابه والقبول بما يكرهه على طول الخط..مثلآ الا يقبل دعوة على الغداء من اشخاص لايرتاح اليهم او اداء واجبات ليست اساسية بدافع المجاملة.
خلاصة الأمر أن الأنانية احيانآ تنقذ صاحبها وكذلك من الأفضل ان يظهر الانسان انفعالاته الفرح او الخوف او التوتر بدلآ من إخفائها حتى لايزيد شعوره بالضغوط.
ترى الى أي مدى يساهم النشاط الرياضي في علاج التوتر؟
المجهود الجسدي يصرف إنتباه المرء عن التوتر فالشخص الذي يحب او المريض مثلآ ينسى متاعبه المالية والحل المثالي هو أن يصرف الشخص إنتباهه إلى موضوع آخر للهروب من توتره وهنا تتحسن حالة القلب والشرايين وينخفض ضغط الدم كما تنخفض كمية إستهلاك عضلة القلب للأوكسجين في الوقت الذي تثبت فيه نسبة الكولسترول ونسبة إنتاج الهرمونات التي تهدىء الجسم وكل الممارسات الرياضية مفيدة شريطة أن يختار المرء رياضة تحلو له ومناسبة له او نشاط آخر مثل القراءة او الموسيقى والرسم او أي هواية تسعده أهم شيء أن يمارس الإنسان هواية تسعده
ماهو دور التغذية الجيدة في تنشيط مناعات الجسم؟
من المعروف ان المواد الكحولية والدخان والقهوة تزيد من مخاطر التوتر في حين ان تناول تغذية متوازية من الفيتامينات والمعادن تجعل الجسم أكثر قدرة للمقاومة والتغذية المثالية تتكون من نسبة 50% أو 60% الكربوهيدریت و 20 أو 25% من البروتين و15% أو 20% من الدهون..اي أن الفطور لابد وان يتكون من حبوب كاملة وحليب بدون دسم او روب بدون دسم وخبز نخالة وقطعة زبده قليلة وثمرة فاكهة طازجة أو جافة..كما أن الوجبات لابد وأن تحتوي على سكريات مستخرجة من فواكه وعلى خضروات خضراء مطهوة على البخار ومضافآ اليها عصير الليمون او روب بدون دسم او حبة بطاطس او أرز ومعكرونة مرتين في الأسبوع إضافة الى 150 جرام بروتينات لحم او دجاج او سمك مشوي أو بيضتين مرة بالأسبوع مع تفادي الشاي والقهوة بحيث لايزيد عدد الفناجين منها في اليوم الواحد عن فنجان او فنجانين وينصح بتناول منقوع الأعشاب..وبالنسبة للأشخاص المفرطي السمنة يجب تقليل النشويات والدهون.
إنعكاسات التوتر..
والجدير بالذكر ان نتائج التوتر لاتقتصر على المجال المهني بل تنعكس على الجسم لأن زيادة إفرازات الأدرينالين والكورتيزول تتسبب في مضاعفة التوتر والقلق وذلك ينعكس على الجسم في صورة أمراض متنوعة تصيبه.. مثل إضطرابات تصيب النوم والشهية والنشاط الجنسي وصداع وآلام متفرقة بالبطن والمعدة وشعور بالإرهاق لأن النسبة المرتفعة من الكورتيزول التي يفرزها الجسم تضعف مناعاتنا وبالتالي فان التوتر قد يساهم بصورة غير مباشرة في ظهور الإصابة بالزكام او بالجلطة أو بإلتهاب القولون او بأمراض جلدية.
ولقد أتفق الأطباء حول مسألة عدم توفر علاج مباشر للتوتر فلاتوجد حبة قادرة على إزالة التوتر بل عدة نصائح او اساليب تساعد المرء على الحد من ردود فعل التوتر عليه.
وعمومآ فاذا كان الأنسان قد تعرض بالفعل لموقف سبب توترآ فلابد من اللجوء الى العلاج الجسدي كالتدليك او ممارسة المشي السريع او محاولة الإسترخاء..اي ببساطة اللجوء الى تفريغ شحنة التوتر برفق..كذلك فان عنف تأثير التوتر اوإعتداله متوقف على حالة الشخص المعنوية وما اذا كانت مرتفعة ام لا.
وهناك نصيحة اخرى تحث الشخص على محاولة تبسيط الموقف بالتنفس بعمق ومحاولة ترتيب الأفكار للتخفيف من حدة التوتر وتفريغ شحنته بصورة إيجابية لاتضره وأحيانآ قد ينعكس التوتر على الجسم بصورة تؤثر في القلب فتتسارع دقاته وتصبح غير منتظمة ومصاحبة بآلام وبإرتفاع في ضغط الدم وبتقلص في الشرايين التاجية..وهنا يجدر بالمريض إستشارة طبيب نفسي لأن حالته المرضية مرتبطة بعوارض نفسية ناتجة عن التوتر وبالتالي فان التغلب على التوتر سيؤدي الى إختفاء هذه العوارض الجسدية.


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:30 AM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com