هل نحن معتبرون ؟

[فهد الحربي]

تقول احدى الاساطير أن ملك الموت حضر الى رجل لسحب روحه من جسده لأن ساعته قد دنت..فطلب منه الرجل أن يعطيه فرصه بسيطه يسوي فيها بعض أموره الدنيويه ويؤمن مستقبل ابنائه فرفض ملك الموت طلبه فسأله ان كان باستطاعته ان يقترض او يطلب من شخص آخر بعض السنوات ليضيفها على عمره المنتهي فأجابه بالإيجاب فسأله الرجل عن السنوات المتبقيه من عمر والده فأخبره بأن والده سيعيش 10 أعوام فذهب الرجل الى والده وطلب منه أن يعطيه جزءآ بسيطآ من رصيده المتبقي في بنك الحياة فرفض والده أن يتنازل له ولو عن جزء يسير من عمره..فذهب الى والدته وطلب منها ان تعطيه قليلآ من عمرها والذي سيدوم 5 أعوام فنهرته ورفضت طلبه الغريب..فعاد الرجل الى ملك الموت ذليلآ مهزوماً وطلب منه أن يخبره عن المتبقي من عمر صديقه في آخر محاوله له..فأخبره بأنه سيعيش سنة واحدة فقط فذهب اليه وشرح له قصته وحاله فقال صديقه خذ عمري كله هدية لك فأنت احوج اليها مني في الحياة..
وتقول الاسطوره أن ملك الموت أخذ من عمر الأب والأم واعطاهما للرجل وصديقه.
هكذا تقول الاسطوره لما للصداقه من قيمه وتضحيه (فرب أخ لك لم تلده أمك) ولكن الذي حصل في الحياة من حقيقه ملموسه وواقع اغرب من هذه الاسطوره..وهي حكاية سيده دخلت المستشفى لإصابتها بمرض نتج على أثره ان توقفت كليتاها عن العمل واصبحت ساعاتها قليله في الحياه فطلب الاطباء من زوجها أن يتبرع لها بإحدى كليتيه لأنها ميته لامحاله وعليه ان ينقذها ويهبها الحياه..فأخذ الزوج يماطل في الرد متعذراً مرة بأنه سينقلها الى انجلترا لعلاجها ومرة أخرى بأنه سيطلب من اخويها ان يتبرعوا لها..فلجأ الاطباء الى اخويها بعد أن تأكد لديهم ان الزوج ليس على استعداد للتبرع فما كان من الأخوين الا أن رفضا وكان عذرهما بأنه طالما هناك قدره على جلب كلية لها من الخارج وبمساعدة الدولة اذن لاداعي بأن يفقد أحدهما جزءا من جسده.. أما والدها فان رفضه كان تحت عذر كبر السن وقد تكون كليته غير مؤهله لاعطائها فرصة في الحياة..واصبحت السيده تحت رحمة العقاقيروالأجهزه الطبيه التي تحاول ان تعطيها أملآ بأن تبقى على السرير..فسمع بحكايتها أحد أقرباء زوجها وكانت قد قامت على تربيته وهوصغير فهزته حكايتها وحضر الى المستشفى وأبدى استعداده للتبرع لها بإحدى كليتيه وقام الاطباء على الفور بالإجراءات التي تسبق نقل الكلية من انسان لآخر وقبل أن ينقلوا الكلية من الرجل أجروا بعض الفحوصات الاخيره على السيده وكانت المفاجأة التي اذهلتهم فقد عادت الكليتان إلى العمل وكأنما لم يصبهما أي مرض أو عطل..وفي البداية اتجهت شكوك الاطباء الى قدرات المختبر المختص وأجروا فحصاً ثانيآ وثالثآ الا أن النتيجه كانت واحده وهي أن الكليتين تعملان بقدرة جيدة وحاول الاطباء أن يبحثوا عن السر الا انهم نسوا أن السر أكبر من قدرات البشر..انه السر الالهي والقدره الربانيه وانها الحكمه التي يرينا اياها الباري جلت قدرته لتكن عبرة لنا في الحياة نحن معشر البشر.. فهل نحن معتبرون؟!