يامن توشك على الغرق لاتفقد الأمل أبدا في النجاة

[فهد الحربي]

أثناء تجواله في النظر في وجوه الغرقى أفزعه الرعب الذي اكتسى الملامح والصراخ المكتوم وطرق ذهنه سؤال..؟؟
لماذا لا يقاوم الانسان ويلات المحيط وماذا يحدث له لوغرق؟!!
وعلى الفور قرر أن يجرب حياة الغرقى وان يكتشف بنفسه كل الاحداث التي يتعرض لها كل من أوشك على الغرق!!
وقد كان!
سافر الى مدينة موناكو اجرى تجاربه على الأسماك واكتشف ان سبعه من السمك التي يصيدها اي غريق في اليوم تكفيه للشرب 24 ساعة
أجرى دراسة شامله عن ماء البحر واستطاع من خلال شروعه تلك الدراسة معرفة الكميه التي يستطيع اي غريق ان يتناولها يوميا دون احداث اي ضرر له ..ودرس خرائط البحر..وخطوط الطول والعرض وخيل اليه ان معلوماته البحريه لم تعد بحاجة الى زياده.. وماعليه الا الشروع في الإبحار..
صعد الدكتور (بومبار) قاربه (الفاجر) وقد لف حول جسمه أطواق النجاة وحمل معه بعض الاطعمه المحفوظه والعقاقير الطبيه ووعد نفسه أن لايلجأ الى هذه الاطعمه الا اذا هدده الموت وحمل معه ايضا بعض الكتب وراديو وكبريت ولفتين من الحبال..
ومن ميناء موناكو في 24 مايو من عام 1952 تحرك )الفاجر( الى جبل طارق وفي 29 اكتوبر من نفس العام سحبوه الى خارج جزر كناري بعد ذلك وجد نفسه وحيدآ تماما.. المحيط كبير..لانهايه للبحر ولاللسماء كل شيء ساكن..راكد حاول الصيد لكنه فشل في اصطياد أي سمكه وغرف قليلا من ماء البحر وشربه!
فجأة هبت الرياح واشتدت وتعالت الامواج وغطت ظهر الزورق كله ومزقت الرياح شراعه فراح الدكتور يلقي بالماء من فوق الزورق .. لسعه البرد وصار يتلوى كطير مذبوح ساعات من الفزع والرعب عاشها الدكتور حتى هدأت العاصفه .. في الصباح كان الملح قد غمر كل شيء!!
القى الطبيب المرساة في الماء وحاول اصلاح الشراع وخياطة الثقوب التي مزقتها العاصفه واسعده الحظ باصطياد درفيلا..بعد ذلك لجأ الى تدوين بعض الملاحظات لكنه سرعان ما القى بالورقه الى الماء حين لاحظ ان سمكة قرش تحاول أن تمزق القارب المطاط..
أظافره تكسرت..مؤخرته التهبت..انتشرت الدمامل في كل أنحاء جسده المنهوك وحتى لايسقط من الارهاق ربط نفسه بسارية الزورق بحبل متين..
ازدادت سرعة الزورق من جراء الرياح التجاريه التي هبت فجأة .فسقط طوق النجاة في الماء القى بنفسه في المحيط ليأتي به لكنه فشل في الوصول الى الزورق الذي ابتعد قليلا لكن وبقدرة قادر انقطع الحبل الذي يمسك المرساة فطفا على الماء فامتدت يده اليه فتوقف الزورق ثم جرى سابحا وصعد (الفاجر) ليستأنف رحلته المجنونه..
سكنت الريح وتلبدت السماء بالغيوم ونزل المطر واستحم بالماء العذب وغسل الملح الذي التصق بجسمه شرب كثيرا وملأ اطارآ من المطاط بالماء العذب..
بعد يومين شعر بألآم مبرحه في أنحاء عديدة من جسمه..اظافره تساقطت..اصابعه تورمت..الدمامل غطت كل جسمه وظهرت الشمس فراح يتوارى عنها بكل وسيله
في يوم 23 نوفمبرلم تظهر الارض كما توقع وفجأة هبت عاصفه مخيفه وتحول المكان الى ظلام دامس فاحتمى بشراع القارب وقد أنهكه التعب والارهاق وفرقته الجراح والآلام..
في صباح اليوم العاشر من ديسمبر رأى سفينه اقترب منها وراح يصرخ دعاه القبطان اليها وهناك رأى صورته المفزعه عرض عليه القبطان ان يحمله الى الشاطىء لكنه أصر على اكمال الرحله..
في ليلة الكريسماس وصل (الفاجر) الممزق الى جزر (باربادوس) الذين شاهدوا الدكتور(بومبار) لم يعرفوه كان يبدو كالشبح..
لقد اكتشف (بومبار) أن معلوماته البحريه كانت قليله جدا لذلك أخطأ في حساب خطوط الطول والعرض لكنه رغم كل ما تعرض اليه شعر بالفرح الشديد فقد استطاع ان يقهر كل الصعاب التي واجهته لذا دون الدكتور (بومبار) في مذكرته هذه الملاحظه التي تقول (يامن توشك على الغرق لاتفقد الأمل أبدا في النجاة)
وبعد ..... هل هذا الرجل مجنون ؟؟