المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب...هذا الرائع العظيم في حياتنا


فهد الحربي
04-25-2024, 06:26 PM
من منا لم يعش لحظات الحب ونشوته حتى في زمن الحرب والدمار.. هكذا هي سنة الحياة ودولابها الذي يلف بنا عالياً ويخفق الى الاسفل..عجلة تسير بعمل دؤوب وباستمرار لاتتوقف مطلقا..كل منا يأخذ حظه ونصيبه من هذا الدولاب فمنا من يوفق ومنا من يخفق والعوامل كثيرة تلعب دورها بمجرى حياتنا..
والحب هذه الكلمة السلسة في لفظها..الصعبة في الابحار بداخلها كل جيل عاشها كيفما شاء..فالجيل الذي سبقنا عاشها تحت البلكونات والنوافذ وبالايماءة والاشارة وكان لساعي البريد دور كبير لاينكر في نقل لهيب الاحاسيس والمشاعر بين الحبيبين..
أما جيلنا الان فقد طور الحب ليدخل عصر وسائل التواصل الاجتماعي وعجلة السرعة حيث يتم الحب عابرآ للقارات وبلمح البصر ينتهي الأمر...
عن مفهوم الحب وهيمنته على حواسنا وواقعنا كان لنا هذا البحث لنعايش هذا المجهول الذي نستجيب له دون مقدمات او مبررات من هو الذي يخفق اليه قلبنا دون النظر الى خلفيات الموضوع انها مسألة محيرة منذ الازل.
l بداية الحب
وحكايا الحب ووفاء المحبين وجنونهم ايضا تملأ تاريخنا فتضفي عليه سحراً أخاذاً فها هو مجنون ليلى مضرب الأمثال في الاخلاص الكبير لمحبوبته ليلى العامرية.ولا يقل عنه شهرة وارتباطا بالحبيبة آخرون لايعرفون الاباضافة اسماء من يحبون الى اسمائهم المجردة أمثال كثير عزة وجميل وبثينة وعنتر وعبلة وقيس بن ذريح وليلى وقيس بن الملوح وليلى وغيرهم الكثير وليس أخرها حكاية العصر التي توجت قصص الحب الاخرى حكاية (اغاخان وحبيبته) التي تذهب الى مصر من كل عام في شهر فبرايرلتضع وردة حمراء على قبره في مدينة اسوان جنوب مصر في ذكرى يوم وفاته اخلاصاً منها له لأنه اهداها الوردة الحمراء عندما تعرف عليها قبل ان يتزوجها اما بقية ايام السنة فحارس مقبرة (أغاخان) يضع كل يوم وردة حمراء على قبره بناء على طلب الزوجة الحبيبة..ان قصة أغاخان هذه ربما تبدو لنا كأنها اسطورة من قصص الف ليلة وليلة لا نألفها الان حيث ان الحب اصبح في مفهومنا الجديد مجرد اعجاب وقضاء وقت الفراغ بالاحاديث البسيطة عبر الجوال كما قال الشاعر الاعمى بشار بن برد
أذني يا قوم لبعض الحي عاشقة
والاذن تعشق قبل العين أحياناً
l حب حتى النخاع
وكثير منا تساءل واحتار في السؤال ترى ما هو الحب الذي حير الفلاسفة منذ زمن الاغريق الأوائل والرومان والجاهلية والاسلام والعصر الحديث هذا السر الذي تغزل وتغنى به الشعراء وأسر القلوب وأعياها بدائه كما حدث للكاتبة والفيلسوفة الفرنسية سيمون دو بوفوار التي ولدت سنة 1908 وشاءت الظروف ان تتعرف على حبيبها الابدي الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر عام 1929 حيث كانت تحضر معه في امتحانات نيل درجة الاستاذية في الفلسفة فجاء هو الاول وهي في المرتبة الثانية فعشقت هذا الرجل وبقيت معه خمسين عاما تعيش الحب بأحلى وأجمل ايامه وحققت نجاحا كبيرا على المستوى العالمي في مجالي الادب والفلسفة وحازت على عدة جوائز عالمية منها جائزة كونكور الادبية سنة 1954 فهذه العملاقة قهرها الحب وتساقطت دموعها عندما توفي رفيق دربها في 15 ابريل 1980 ولم يتم المراد ويتزوجها عاشت من اجله وقدمت رقيها الأدبي ونجاحها قربانا لحبها الكبير دون مقابل حتى انطفأت شمعتها وتوفيت هي الاخرى بنفس الشهر الذي توفي فيه رفيق دربها ولكن قبله بيوم واحد أي مع فارق السنين في ابريل عام 1986 وهي تحلم بخاتم الزواج من جان بول سارتر يشع بريقه في اصبعها انها حكاية خيالية معقدة قد لا نستطيع ان نعيشها الان ؟!!
l الحب لغة الشعراء والادباء
وعن هذا الكائن الذي يعيش في صدورنا دون سابق انذار تقول د. سعاد الصباح بقصيدة (المجنونة)
انني مجنونة جدا
وانتم عقلاء
وانا هاربة من جنة العقل
وانتم حكماء
أشهر الصيف لكم
فأتركوا لي انقلابات الشتاء
أنا في حالة حب ليس لي منها شفاء
وأنا مقهورة في جسدي
كملايين النساء
وانا مشدودة الاعصاب
لو تنفخ داخل اذني
لتطايرت دخانا في الهواء
انني ضائعة كالسمك الضائع
في عرض البحار
فمتى تنهي حصاري
يا الذي خبأ في معطفه
مفتاح داري
يا الذي يدخل في كل تفاصيل نهاري
يا حبيبي.. انني دائخة عشقا
فلملمني بحق الأنبياء
أنت في القطب الشمالي
وأشواقي بخط الاستواء
يا حبيبي انني ضد الوصايا العشر
والتاريخ من خلفي رمال ودماء انتمائي هو للحب
ومالي لسوى الحب انتماء.
أما فهد الحربي فيقول..
- قدم علماء السلوك وعلماء النفس والتحليل الاجتماعي تلالا من المفاهيم والمعلومات عن الحب ولكن ما يقدمونه عن الحب نفسه قليل وجاف ولا ينتمي الى الحقيقة الرائعة التي يعرفها كل من أحب.
القدامى يقولون: الحب اعمى والعقلاء يقولون: الحب اخذ وعطاء والمتقعرون يقولون: لا..الحب ليس مسألة سهلة انه مجموعة متشابكة من الظروف الاقتصادية والفلسفة السياسية.. فالحب تاريخ وجغرافيا وصراع طبقي وضغوط نفسية وعاطفية وهو من أعظم الممكنات واكثرها بساطة وسحراً وفي حياة كل منا شيء يستحق الحب.. شيء يختلف عن كل الأشياء التي نملكها وقد يكون ما نحبه عملا أو فكرة أو شخصا أو حلماً يعزعلى التحقيق..وقد يكون ما نحبه انساناً نتردد في أن نصرح بقصة حبنا له.. وفي كل الاحوال الحب يفجر فينا طاقة عظيمة وقوة من أعظم قوى الحياة وهذه القوة تدفعنا لأن نفكر ونختار ونتكلم والحب أنواع حب الأمومة..حب الطفولة..حب العاطفة.. حب العظمة..حب الاستطلاع.. حب الظهور..حب الحياة وحب الوطن.
لابد لكل حديث عن الحب والجمال والمرأة أن يذكر شاعر المرأة المبدع الراحل نزار قباني.. فمن منا ينسى هذا الشاعر الذي ذاب عشقا في المرأة رمز الحب والجمال ومن منا ينسى تلك المرثية الرائعة التي خلد فيها زوجته ومعشوقته بنت الاعظمية ببغداد (بلقيس)
هل تعرفون حبيبتي بلقيس؟
فهي أهم ما كتبوه في كتب الغرام كانت مزيجا رائعا
بين القطيفة والرخام ...
كان البنفسج بين عينيها
ينام ولا ينام...
وقال فيها ايضا:
بلقيس
تذبحني التفاصيل الصغيرة في علاقتنا
وتجلدني الدقائق والثواني
فلكل دبوس صغير قصة ولكل عقد من عقودك قصتان حتى ملاقط شعرك الذهبي...
تغمرني كعادتها، بأمطار الحنان ويعرش الصوت العراقي الجميل.. على الستائر..
والمقاعد
والأواني..
ايضا لنا وقفة مع الشاعر ذي الابداع السهل الممتنع الأمير بدر بن عبد المحسن الذي يقول...
في صوتها ناي
غنى وجرحني الشجن
دقات قلبي.. وقفت وخطاي
قالت لي .. وش الوقت
ناظرت ليل عيونها وصبح الجبين...
ومرت ثواني صمت.. قلت الزمان انتي
وكوني اللي تبين ...
من يومها ما عاد أناظر ساعتي
وش حاجتي اعد الزمن
وهي الزمان الجاي...
l ان الحب عاطفة جياشة تتخلل الدم والشرايين لتملأ القلب شجنا وحلما واحاسيس.. فلكل واحد منا هواه وعشقه الذي لا ينضب
l وتبقى كلمة
رغم كل ما قيل وكل ما سيقال.. الا اننا في النهاية نقول الحب هو الاوكسجين للحياة وشريانها الحقيقي الذي نحيا ونعيش عليه.. مهما اختلفت الظروف والاراء.. لأن الحب قوة خارجية لا نستطيع ان نتحكم بها او حتى نستأصله من حياتنا فهذه قضية لاحكم فيها ولا تراجع لأنها من المسلمات.. لذا علينا فقط ان نترفع عن الماديات كي يثبت الحب وتورق اشجاره في ارض ثابته وبجذور راسخة لا تهتز او تنحني للرياح مهما كانت عاتية..