مدونة فهد الحربي

مدونة فهد الحربي (https://fahad-alharbi.com/vb/index.php)
-   مقالات فهد الحربي الأدبية والإجتماعية والثقافية (https://fahad-alharbi.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الى متى نقتل البراءة؟ (https://fahad-alharbi.com/vb/showthread.php?t=240)

فهد الحربي 04-27-2023 09:06 AM

الى متى نقتل البراءة؟
 
((الى متى نقتل البراءة؟))


بينما كنت أجلس في (البلكونة) أرقب الأجواء الجميلة في أحد الفنادق في لندن وصوت (فيروز) ينساب الى سمعي فيثير في اعماقي شجونآ وشجون هبط إلى الطاولة طائر جميل اللون رائع التكوين.
أستغربت في بادئ الأمر هذا التصرف الأحمق من هذا الطير المستهتر بحياته!! كيف يقترب مني كل هذا الإقتراب؟ ألا يخشى أن تمتد له يدي (وتزنطه) ؟
كيف يطمئن لشخص ربما تكون هوايته المفضلة هي صيد الطيور؟ لابد وانه مختل العقل او كفيف البصر! ولكن كيف يكون كفيفآ وهو يتقدم يثبات الى الهدف على (صحن) الخبز؟.
ووجدت نفسي أراقبه بكل إستمتاع بل وجامد في مكاني بلاحراك لاخوفآ من الطائر بالطبع ولكن خوفآ من أن ازعجه بحركة مريبة فيطير.
ولكن أتضح لي ان الطائر ودود جدآ ووجدت نفسي أتحرك معه بسهوله دون خوف فلم تثر فيه (حركاتي) اي خوف بل ظل يقترب ويقترب من (الصحن) وبمنقاره الصغير تناول قطعة صغيرة من الخبز.
أستمر لدقائق في ضيافتي يأكل هنيئآ مريئآ ثم ما لبث ان طار مودعآ صحبتي بالتغريد وكأنه يقول لي : شكرآ لك يا (فهد) وانتظرني قريبآ سأعود اليك.
ان الطائر هنا لطيف جدآ وعشري جدآ وبينه وبين الناس الفة ومحبة لذا فلست أعجب حين أشاهد كل الناس هنا يتوددون الى الطيور بل وبتنافسون في كسب ثقتها ومحبتها ويتفننون في تقديم كل ما يلزمها من شراب وطعام.
ففي كل البيوت توجد أحواض صغيرة تشرب منها الطيور.
وفي كل البيوت تزرع أشجار ذات ثمار خاصة لتأكل منها الطيور.
ولم أشاهد قط احدآ يرمي طيرآ بحجارة او يصوبه ببندقية أوينصب فخاً.
انهم يعلمون ان هذه الطيور الجميلة خُلقت لتعيش ولتطير في أجواء الحرية كي تملأ الكون بأعذب الالحان..وان الحدائق والبساتين التي تخلو من الطيورهي في رأيي الشخصي حدائق وبساتين شبه ميتة..ان الطيور فوق الأغصان كالاطفال في البيت كلاهما نبض وحياة فما أتعس المكان حين يلفه الصمت.
وإلا فما الفائدة التي نرجوها من حبس طير في قفص من حديد؟
وما الفائدة التي نرجوها من ذبح طائر في حجم كرة تنس الطاولة؟
ولماذا هذا العداء الطويل الأمد بيننا وبين طيورنا؟
والى متى تنأى طيورنا بعيدآ عنا كي تكون بمأمن عن الشر؟
الى متى (النباطة) تلاحقها؟
والى متى (الساكتون) يطاردها ؟
والى متى (الفخاخ) تُنصب لها؟
الى متى طيور الربيع التي تأتي الينا طلبآ للدفء تجد الموت بإنتظارها حالما تدخل حدودنا؟
الى متى نقتل الجمال؟
والى متى نستبيح سفح دماء هذه البراءة الخلابة؟
ايها الناس:
يا عالم:
كفوعن قتل هذه الطيور الجميلة واتركوها تأمن الينا..أتركوها تطمئن الى معيشتها معنا فلعلها تبدأ بالغناء بعد أن طال صمتها طويلآ..طويلآ جدآ.


الساعة الآن 01:45 AM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com