مدونة فهد الحربي - الزوج الغير ناضج ماهو الحل ؟

((الزوج الغير ناضج ماهو الحل ؟))

والنضـج لا يعنـي مقـدار ما بلغـه الإنسان من العمـر فقـد يكـون عمر الشخص خمسين عاماً ولكن سلوكـه وأفكاره تتسم بالطفولة.

ولذلك فإن أهم عامل من عوامل الحياة الزوجية السعيدة هو نضج الـزوجــيـن جـســمــيــاً وعــقـلــيــاً واجـتـمــاعــيــاً وعــاطــفــيــاً.

وخبراء العلاقات الزوجية يقولون إن أصلح الزيجات وأسعدها هي تلـك التـي يتفوق فيـها الرجـل علـى زوجتـه بقـدر ولـو قليـل مـن النضـج العقلي لأن هذا يزيد من ثقة الرجـل بنفسـه ومـن إعتـزاز الزوجـة بزوجها لأن هناك العديد مـن حـالات التعاسـة الزوجية التي لعب فيها تفوق الزوجة علـى زوجهـا فـي النضـج العقلـي دوراً رئيسـاً جـعل مـن الحيـاة الزوجيـة جحيمـاً لايُطـاق ولكـن هـذا لا يعني أن يكون الفارق في النـضج كبيـراً يستحيـل معـه التفاهـم بيـن الزوجيـن وتقـارب ميولهمـا واتجاهاتهمـا.

وفي بحـث أجـري بجامعـة ولايـة نورث كارولينا الأمريكية حـول مـدى أهمـيـة النـضج الإجتماعـي والعقلي للزوجين تبين أن أهم ملامح عدم النضج هو أن يختـلف الـــزوج مــع زوجــتـــه لـمــجـــرد أن يــثـــبـــت لــهــــا أن لــه رأيـــه الـخـــاص.

ثـم يـقول الباحثـون : إن الشخصيـة غيـر الناضجـة تنهـار أمـام مسؤوليـات الـزواج وأعبائه وهي تلقي اللوم على الطرف الآخر في كل خطأ تقع فيه الأسرة حتى تهرب من تحمل المسؤولية.

وإذا كان الشخص قد عانى في صغره حياة أسرية غير مستقرة فهو عندما يتزوج

لايـلبـث أن يلاحقـه شـعـور بالخـوف مـن وجود عدم الإستقرار فـي حيـاتـه فيغار مـن زوجته بدون مبرر ويفرض عليها ألوانآ مـن القيـود دون سبـب واضـح بـل ويحاول إثارة غيرتها عليه بشتى الطرق.

وممـا يـلفـت النـظر في هذا البحث أيضآ ظهور شخصية الزوج الطفل في كثير مـن الحالات وهو الذي نشـأ وتـربـى علـى الخضـوع للأوامر في كل صغيرة وكبيرة فلا يستطيع التصرف في شيء إلا بعد الرجوع إلـى مـن بيده الأمر وعن هذه الشخصية يـقول عالم النفس الألماني الدكتور(مانفريد لوتز) : يتميز صاحـب هـذه الشخصيـة بالتبعية الكاملة وعدم الإستقلالية فهو يعتمد اعتمـادآ كليـآ علـى الآخريـن فـي أمـوره الشخصيـة ومتعلقاتـه الخاصـة فهـو عاجـز دائمآ عن إبداء الرأي ويهرب من إتـخـاذ القرار ويتحاشاه ويبحث دائمآ عمن يتخفى خلفـه ويتستـر وراءه متنـازلآ عـن إرادته يفعل ذلك وهو راض وسعيد بالتبعية لأن البديل لذلك هو أن تتكاثر عليـه المخـاوف.

ثم يضيف : وهناك بعض الشخصيات الإعتمادية الطفولية التي يتوقف كل شيء لديـها علـى شخصية محورية بذاتها تتعلق بها وترتبط بمواقفها وتحـرص عـلى إرضـائـهـا بشتـى الـطـرق ومـن ذلـك مثـلآ إعتـمـاده عـلـى زميله في العمل أو على زوجته في المنـزل وحتـى قبـل الزواج لابـد أن يتدخـل الشخـص الـذي يعتمـد عليـه فـي القـرار ويـختـار لـه عروسـه وطبعـآ من الممكن ان ينتهي كل شيء حين يقرر هذا الوصـي إنهاء الموضوع دون إستكماله.

إنه بإختصار يعاني من عجـز دائـم ومتجمـع فـي ملاقـاة التـزاماتـه الحياتـيـة ضمـن النطاق العائلي أو الإجتماعي وهو بسبب هذا العجز يجد نفسه مضطراً لإتخاذ مرتبة أدنـى فــي التـعـامــل مــع الـغـيـر ويـقـبـل لـنـفـسـه مـرتـبـة الـخـضـوع والـخـنـوع.

ومن هذه النماذج من لا يستطيـع أخـذ أي قـرار دون مشورة زوجته كذلك فإن هناك زوجات من هذا النوع وهن يعتمدن تمامآ على أزواجـهـن فـي كـل ما يخصهن حتى شراء الملابس وأدوات التجميل.

ومن الشخصيات غير الناضجة أيضآ الشخصية الأنانية التي لاتفـكـر إلا فـي نـفسها وما يعود عليها من الزواج من فوائد.

وهو الـذي لا يعبـأ بـقدسـيـة الـزواج فيقيم علاقات خارج نطاق الزواج دون أن يعبـأ بشعور زوجته.

وتسلط الرجل يعتبر عيبآ عندما لا يكـون إلا على زوجته فيعوض الرجل مع زوجته إحساسه بالدونية والتبعية مع الآخرين ومثـل هـذا الرجـل يـتساهل عجزآ مع القريب والبعيد ثم يتسلط (تعويضآ) على زوجته ويتصور جهلآ أن زوجته لا تطوي قهرها بين جنبـاتهـا وهـي ترى عجزه مع الآخرين وتسلطه عليها.. ذلـك الرجـل هـو الـذي تكره زوجته معاشرتـه كمـا قالـت إحدى الزوجات : أقضي يومي كله ألعن ذلك اليوم الذي اقترنت فيه بهذا الزوج.

والغباء أيضآ من السمات غير المطلوبـة فـي الشخصية والغباء أشكال وأنواع فهناك الغباء العقلي أو الإجتماعي أو الغباء الثقافي أو الإدراكـي والمـرأة مخـلـوق يـعـرف تمامـآ قـدر الذكاء الفطري الذي فطرت عليه لتكون على الصورة التي تؤهلها لحسن فهم الزوج وإذا صـادف المـرأة الذكيـة زوج مـن هـذا النـوع الـذي يتميز بالغباء ولم يحاول تطوير نفسه وأعيت الزوجة الحيل أمام غباء رجلها فإنها علـى الـفـور تمنحه كراهيتها راضية.

وممارسة الكذب على الزوجة تقوض من دعائم الثقة بالزوج وتزرع بذور الشك في كـل مـا بـيـنـهـمـا حتـى فـي الحقائـق وهنـا يـسقط الـزوج في نظر زوجته الى درجة الإحتقار.

وهذه النماذج وغيرها تمثل كلـهـا عـدم النـضج مـن جانـب الأزواج إلا أن لهـا مثيلآ أيـضـآ مـن جانـب الزوجـات فيـشـكـو كثـيـر مـن الأزواج مـن عـدم نـضـج الزوجـة وخـصوصآ مـن الناحيـة الإجتماعية فهي تميل إلـى الهجـوم علـى الآخريـن هجـومـآ شخصيآ وتسـيء إلـى سمعـة البـعض وتشـي بـالبعض الآخر ويتساءل الأزواج لماذا تتخذ الزوجة مثل هذه المواقف وهل هذه المواقف وغيرها تدل فعلآ على أن الزوجة غير ناضجة عقلياً واجتماعياً وعاطفياً!

يقول خبـراء النـفس :

النـضـج الإجتماعي هو من مستلزمات الزواج الناجح وكذلك النضج العاطفي الذي يرتبط به بربـاط وثيـق فالإنسـان لا يكـون ناضجـآ مـن الناحية الإجتمـاعيـة إلا اذا كـان ناضجآ عاطفيآ والزوجة التي من هذا النوع (غير الناضـج عاطفيآ) لا تكون مهيـأة فـي الواقـع لمواجهة مشاكل الحياة اليومية ولا تكون مدركة لطبيعة العلاقات الإجتماعية قبل أن تتزوج وتـكون أسـرة ومـن هنـا فإنها تكون غير قادرة على بذل الحب والعطاء العاطفي وتتمثل فيها صفات سلبية كثيرة كـأن تـكـون متباهيـة أو متفاخـرة بـوضعـهـا فـي الماضـي قبـل الـزواج وقـد لا تـفرق بين الجائز واللا معقول فـي علاقاتها بالآخرين فتزيل الكلفة بينها وبينهم من أول لقاء معهم كما قد تأخذ صورة الشخصيـة الهستيريـة المتقلبـة المزاج والميول أو الملامح الشخصية السيكوباتية التي تفتقد قوة الضمير فلا تستطيع أن تطيـق الأحكـام الخلقية السائدة في المجتـمـع علـى سلوكهـا الشخصـي كمـا يـنعدم عندها الإحساس بالذنب ولا تـهتـم إلا بذاتها ورغباتها فقط وغالبآ ما تفقد السيطرة على نفسها ولا تستفيد من تجارب سابقة من أجل المستقبل.

كيف يمكن معالجة هذه العيوب؟

يقول علماء النفس : يجب أن نـحكم علـى الشخـص غيـر الناضـج بأنه يسلك سلوكآ طفوليآ فكم من أطفال يسلكون ويتصرفون بمنتهى الحكمة والعقل والصحـة النـفسية.

وعلى أية حال فإن النضج النفسي والنضج العقلي يمتدان إلى بداية حياة الانسان فـي الأســرة ومــن هــنـــا فــإن عـلــى الــوالــديــن تــقــع مـسـؤولـيــة كـبـيــرة مـنــها:

- أن تقوم علاقة الوالديـن علـى أسس الفهم المتبادل وأن يعاملا الأولاد والبنات دون تفرقة وأن يبثا الحب الصـادق بـيـن كـل أفراد الأسرة وأن يدربا الصغار على تحمل المسؤولية ومواجهة الصعاب وحلها بالوسائـل العقليـة السليـمـة فـكـل هذا يترك أثره الطيب على الصغار من حيث النضج النفسي السليم ولا شك أن لهذا كله أثره الطيب عـلـى الصغـار مـن حيـث النضـج النـفسـي السليـم ولا شك أن لهذا النضج علامـات مميزة تظهر في أنماط من السلوك أهمها الإحساس بحريـة التـصـرف وإتخاذ القرار السليم والمناسب في الوقت المناسب والقدرة على التكيف مع مختلف ظـروف الحياة وعدم اللجوء إلى محاكاة الآخرين وإدراك الحقائق بسرعة والإنفتاح علـى الخبـرات الجديـدة والقـدرة عـلـى الحـب بـكـل صـوره وأشكالـه السليمة وهكذا يمكن أن يتأهل الأبـنـــاء لــلــوصـــول إلـــى النــضـــج الــمــطــلـــوب لـحــيــاتـهــمـــا الـزوجـيـة.

وعلـى الزوجـة التي ترتبط بزوج غير ناضج أن تدرك كيف تعامله بالطريقة المثلى وذلك بأن تتفهم أولآ السبـب الحقـيـقـي وراء تـصـرفـات زوجـها وأن تعالجها بحكمة وحنان حتى لا تزيد من إرتباك شخصية زوجها وحتى تستطيـع أن تخلصه من عقده تدريجيآ دون أن يشعر وفي هذا المجال فإن علـيـهـا أن تـركز عـلـى عـدة نقاط هامة أشار إليها البحث المذكور ومنها:

● أشركي زوجك في حل مشاكل الأسرة حين يكون مرتاح الأعصاب هادئ المزاج لايشغله شيء آخر حتى لايشعر بثقل المسـؤولـيـة وعلـيـك أن تـساعديـه فـي الحـل بـطريقة لبقة يشعر معها أنه هو الذي يقوم بحل هذه المشاكل وحده فهنا يشعر بكيانه ويــثـــق بــنــفـــســــه وبــقـــدراتـــه عــلـــى تــحــمـــل مـســؤولــيــــات الأســـرة.

● لا تندفعي وراء رغبتك في الإنـتـقــام مـن زوجك او معاملته بما يستحقه إذا أخطأ حتى لاتتعقد الأمور وتزداد سوءآ فإذا حاول إثـارة غيـرتـك فعليك أن تفهميه بهدوء بأنك تحبينه وأنك واثقة أنه لا يقصد إيذاءك إلا أن هذه التصرفـات تـخـدش كبرياءك هـو طبعآ لا يحب ذلك ومن شأن هذا التصرف من جانبك نحوه أن يجعله يثق بحبـك فيكف عن أخطائه الصغيرة.

● حدثـيـه بـين الحين والآخر عن الصفات التي تحبها المرأة في رجلـهـا أهـمـهـا أن تعتمد عليه لأنـهـا بـكـل تـأكيـد أضـعف.. إن مـن شـأن هذا القول أن يرضي غروره ويـسـعـده ويـجـعـلـه يـقـدم عـلـى تـحـمـل الـجـانـب الأكـبـر مـن مسـؤوليات الأسرة.

● يجب أن تنظر الزوجة إلى الحياة بواقعية وألا تنساق وراء الخيالات ولا تتصرف عـلـى أنـهـا مجرد أنثى وإنما تستغل كافة قدراتها الذهنية والفكرية لتبدو في الصورة اللائقة بها وهي الصورة الإنسانية.

● يجب أيضآ أن تـغـلـب الـزوجة دائمآ مصلحة الأسرة على مصلحتها الخاصة وأن تـعرف كيف تهنأ بحياتها الزوجـيـة فـلا تـلـجـأ إلـى الغيـرة العميـاء ولا تنـدفـع وراء العـواطـف الجامحة التي قد تكون سببآ في إيذاء مشاعر زوجها وإيجاد فجوة بينهما.