مدونة فهد الحربي - العلاقات الرسائلية والمسجية

((العلاقات الرسائلية والمسجية))

أصبح كل شيء لدينا آليا فأصبحنا (مبرمجين) حتى في مشاعرنا

علاقاتنـا أصبحـت فاتـرة وتفتقـر إلـى الحميمية فأقصـى مـا نـفعلـه عندمـا نريـد أن نتواصل مع من نحب نرسل ( رسالة أو مسج) عبر الجوال لنقـول لأحبائنـا ( كـل عام وأنتم بخير)

. يا الله..الى هذا الحـد علاقاتنـا متينة؟ كنا في فترات سابقة نعتب على من نحب إذا لــم نــره مــنـــذ فــتــرة ونـقـــول (خليـنــا نــســمــع صـوتــك عـلــى الأقـــل)

وسـيـأتـي الـيـوم الــذي سـنـقــول فـيــه (خـلـيـنـا نـقـرأ رسالتك بالواتس عـلـى الأقل)

فالناس أصبحت تتواصل بالرسائل والقليـل هـم الذيـن يرفعـون السماعـة ليقولوا كل عام وأنتم بخير.

. في بداية رمضـان أو الأعياد تُرسل مئـات الألـوف مـن الرسائل كلهـا تعبر عن مشاعر بـاردة وعلاقـات ضعيفـة وتواصـل إنسانـي هش يعكس هشاشة روح هـذه المـرحلـة وناس هذه المرحلة.

وأصبـح بمقـدورك أن تعرف من هو أكثر حميميـة معـك إذا تكـرم وأسمعـك صوتـه ليقول لـك (كل عام وأنتم بخير) ليس بالضرورة أن يكون صوته حميميآ.. فإتصاله بـك هـو مـرحـلـة مـن مــراحـل الحـمـيـمـيـة لـيـســت متــوفــرة فـــي كــل وقـــت..وعليـك أن تشــكــره عـلــى كــرم مـشـاعــره لـمــجــــرد أنــه أســمـعــك صــوتــه.

كـانـوا يقولـون في عالم السياسة لا توجد عداوة دائمة كما لاتوجد محبة دائمة هناك مصالح دائمة.

اليوم أصبح التواصل الإنساني ينطلق من منطلقات سياسية فلا يوجد صديق دائم كما لايوجد عدو دائم هناك مصالح دائمة.

فما الفرق إذن بين النـاس والسياسييـن وبيـن التواصل السياسي والتواصل الإنساني؟

فالذين لديهم مصلحة لديك تراهم يسارعون بالتواصـل معـك حتـى وإن لم يكونوا من أحبابك بينما أحبابك يتواصلون أيضآ مع مصالحهم مع آخرين غيرك فالحـب هو حـب المصلحـة والتواصـل هـو تواصل مع هذه المصلحة وأنظرحولك لترى مرارة هـذه الحـقـيـقــة كـل واحـد مـنـا لـديـه قـائـمـة بـأسـمــاء الأصــدقــاء لـيـرســل لـهــم (الرسالة) فــي أقــل الأحــوال أو لــيــدعـــي بـعـــد ذلــك بـأن لــديــه أصـدقــاء.

هؤلاء الأصدقاء إلى أي حد هم أصدقاء؟! لو حاولت عمل (فلترة) لهم فلن تخرج بكم صديق لا يتجـاوزون أصابـع اليـد الواحـدة في أفضل الأحوال فهل نحن فقراء بـالأصـدقـاء إلـى هـذا الحـد؟ أم أن الصداقـة أصبحـت عملـة نـادرة إلـى هـذا الحـد؟

إذا كـان الأمر كذلك فلا نستغرب أن تكون علاقاتـنـا علاقـات (رسائلية ومسجية)..ولاغرابة في ذلك فهـذا زمن الأكلات السريعة والعلاقات السريعة والصداقات السريعة والمشاعر السريعة أيضآ.