((المصمك.. رمز البطولة السعودية))
في قلب العاصمة الرياض يقف قصر المصمك شامخاً كأنه يحرس ذاكرة وطن ويهمس للتاريخ بأمجاد لاتُنسى.
هذا الصرح الطيني العريق لايُعد مجرد بناء قديم، بل هو شاهد حي على لحظة مفصلية غيّرت مجرى التاريخ السعودي، حين انطلقت منه شرارة توحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -.
قصر المصمك ليس مجرد جدران من الطين والحجر، بل هو رمز للبطولة والإرادة، ومرآة تعكس عبقرية العمارة النجدية الأصيلة..بُني في القرن التاسع عشر ليكون حصناً دفاعياً، لكنه تحوّل إلى أيقونة وطنية تروي كل زاوية وكل برج وكل فتحة في جدرانه تفاصيلها..حين تتأمل تفاصيله، تشعر وكأنك تعيش لحظة اقتحامه، وتسمع صدى الخطى الأولى نحو الوحدة والاستقرار.
ما يميز المصمك ليس فقط تصميمه الفريد، بل مكانته في وجداننا نحن كسعوديين فقد ارتبط اسمه بالكرامة والعزة، وبات جزءاً من الهوية الوطنية التي يعتز بها كل مواطن..ومنذ تلك اللحظة التاريخية التي استُعيدت فيها الرياض، ظل المصمك حاضراً في الذاكرة، لايبهت بمرور الزمن، بل يزداد هيبة وتألقاً.
حكومتنا الرشيدة أولت هذا المعلم اهتماماً بالغاً، فتم ترميمه بعناية فائقة، وتحويله إلى متحف يحكي قصة التأسيس، ويعرض مراحل النضال والتوحيد..الزائر اليوم لايكتفي بالمشاهدة، بل يعيش تجربة غنية، يتنقل بين القاعات، ويستشعر عبق الماضي، ويكتشف كيف تحوّلت الأحلام إلى واقع.
قصر المصمك يعكس أيضاً روح الأصالة التي لم تتخلَّ عنها مملكتنا الحبيبة رغم التحديث والتطور..وسط الأبراج الزجاجية والطرق الحديثة، يظل المصمك واقفًا بثبات، كأنه يقول: هنا بدأت الحكاية، ومن هنا انطلقت مسيرة البناء. إنه توازن فريد بين الحداثة والجذور، بين المستقبل والماضي.
المديح لايكفي لوصف عظمة هذا القصر، فهو ليس مجرد مبنى، بل قصة وطن، وملحمة شعب، وذاكرة لاتموت. كل من يزوره يشعر بالفخر، ويغادر وهو يحمل في قلبه احتراماً عميقاً لتاريخ المملكة وللرجال الذين صنعوا مجدها.
قصر المصمك سيظل منارة تاريخية تضيء للأجيال طريق الانتماء، وتذكّرهم بأن العزة
لاتُمنح، بل تُنتزع بالإيمان والعزم..وفي كل حجر من أحجاره تنبض روح الوطن، وتُروى قصة
لاتنتهي.