العودة   مدونة فهد الحربي > الأقــســـام الــعـــامــة > مقالات فهد الحربي الاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-22-2024, 04:50 PM
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 315
افتراضي شباب اليوم والتفكك الأسري

في جلسات الآباء والأمهات وعندما يُثار الحديث حول الأبناء من شباب اليوم نجدهم يقولون: إنه إلى جانب الإيجابيات في بعض شبابنا فهناك أيضآ الكثير من السلبيات منها: أن طموح الشباب اليوم يفوق الجهد الذي يبذلونه..فالشاب يتمنى تحقيق كل طموحاته وهو مستريح متسرع في قراراته وآرائه وتصرفاته..طائش لايقدر المسؤولية ينظر إلى الأمور بسطحية ويقلد الآخرين من دون النظر إلى أي اعتبارات تخص قيم المجتمع وعاداته وهو غاضب دائمآ بلا سبب..ساخط بلا مبرر..متمرد بلا داع..الشباب اليوم في واد والآباء في واد آخر وأصبحت سمة الانفصال تخيم على الأسرة أكثر من الود الأسري والولاء من الأبناء الذي يرجوه والأمهات.
وفي جلسات الشباب يشكون أيضآ وشكواهم الأساسية أن الآباء والأمهات لايتفهمون جيدآ مشاكلهم ولاينصتون لهم وأن الهوة في التفكير قد اتسعت بينهم..وأن بعض الآباء يحرصون على القيود والأوامر بصورة صارمة وقياسية لا تتناسب والإيقاع السريع للحياة التي يعيشها جيل الشباب..وبعضهم مشغول دائمآ بأعماله وتجارته وجلساته مع اصدقائه فلا يرى الجانب الآخر المطلوب من العلاقة بين الأب وابنه وهي العلاقة الروحية والنفسية وهي الأهم بين الشباب من توفير كل مطالباتهم المادية وأن حياتهم سواء مع والديهم أو حتى مع أشقائهم وشقيقاتهم تفتقد جو الألفة والمودة وروح التعاون المطلوبة.
وهذا الاختلاف في وجهات النظر يرجعه بعض الآباء إلى عوامل عدة منها: وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة معدلات السفر إلى بلاد العالم المختلفة وسرعة انتقال الأفكار والمبادئ والتقلبات الحادة التي يشهدها العالم سياسيآ واقتصاديآ واجتماعيآ واعترافهم بأنهم الآن أكثر انشغالآ مما مضى وأن الوقت الذي يقضونه مع ابنائهم أصبح محدودآ بالقياس لما كان عليه في الماضي.. كل هذه العوامل وغيرها أحدثت خلال سنوات قليلة تغييرآ في التفكير والسلوك عند بعض من شبابنا الذي يأخذ بظواهر الأشياء دون أن يلتفت إلى جوهرها.
ويخطئ من يظن أن هذه المشكلة تخص شبابنا فقط فهناك في الغرب الذي ينبهر بشبابه بعض من شبابنا ويحاولون تقليدهم مثل هذه المشاكل وأكثر حتى أن إحدى الصحف هناك نشرت إعلانا تقول فيه: إذا كنت تنتمي إلى أسرة تتمتع بروابط قوية فالرجاء الاتصال بنا فنحن نعرف الكثير عما يسبب تفكك الروابط الأسرية ونحتاج منك معرفة ما يشد روابطها ويقويها.
وفي استطلاع آخر تم سؤال 1500 شاب وفتاة عن الأسرة السعيدة ومقوماتها وأسبابها لم يرد في إيجابهم ذكر المال والسيارات أو المنازل الفاخره..بل كانت إجاباتهم: (أن نكون معآ دائمآ آباء وأمهات أشقاء وشقيقات ويكون لنا اهتمامات مشتركة).
وفي بحث مطول تحت عنوان (طبيعة ظاهرة عدم التفاهم بين الأبناء والآباء في مجتمعنا الحديث) تقول الطبيبة النفسية وأخصائية التربية الفرنسية (جاكلين لينو) مدافعة عن وجهة نظر جيل الأبناء تجاه جيل الآباء فتقول:
إن في حياة الإنسانية بعض الموضوعات التي تجعلنا من شدة تأثيرها على عواطفنا نتكلم ونبحث فيها من دون انقطاع ورغم مرور الزمن وحدوث تطورات في أسلوب معيشتنا إلا أننا لانزال نناقشها ونحاول تفسيرها أو تحليلها ومن بين هذه الموضوعات هذا الموضوع الذي نتناوله والذي يحاول معالجة تلك الهوة العميقة التي تفصل بين كل جيل والجيل الذي يليه.
وأضافت الدكتوره (جاكلين) : هل هناك موقف أخطر من الموقف المؤلم الذي تواجهه كل أم أو أب عندما تسمع او يسمع في دهشة ابنتها أو ابنها يقول لها: لا أنت لم تفهمي ما أريد.. أو إنك لاتستطيع تقدير موقفي ومع ذلك فإن الواقع يؤكد أننا لا يمكننا أن نتجنب مجيء اليوم الذي يشعر فيه الابناء أن آباءهم أصبحوا غير قادرين على فهم أمورهم على النحو الذي يدور في أذهانهم ولكن لماذا يحدث هذا رغم أن ما يشغل بال الآباء والأبناء هو تحقيق علاقة أبوية عاطفية يسودها التفاهم التام؟
ثم تقول الدكتوره (جاكلين) :
لكي نقول إن هناك تفاهمآ حقيقيآ بين شخصين فإنه يجب أن تكون لديهما القدرة على الجدل بلغة واحدة أو يكون بينهما اتصال روحي ونفسي عميق ولايمكن أن يتم هذا إلا بوجود أشياء كثيرة مشتركة بينهما..فما هي تلك الأشياء التي يمكن أن تكون مشتركة بين الآباء والأبناء.
هل هم الأصدقاء :
لافكل جيل له أصدقاؤه الذين يماثلونه سنآ وفكرآ.
هل هو العمل؟
لا أيضاً فمعظم الأبناء لا يهتمون بعمل آبائهم وأحيانآ لايعرفون وجه النشاط الحقيقي الذي يمارسه الآباء..أما بالنسبة للأهل فإن عمل أبنائهم أو اهتماماتهم تنصب عادة ما بين اللعب ومذاكرة دروسهم والتي تصيبهم بالملل عادة.
· هل تكون الاهتمامات الشخصية ومشاكل الحياة من بين تلك الأشياء المشتركة؟
كلا لأن حياة كل جيل تتجه إلى هدف خاص والأهداف تختلف باختلاف الأجيال فالأهل يفكرون في المال وفي الترقية وفي مزيد من وسائل الراحة والاستقرار لهم ولأبنائهم أيضاً.. بينما الأبناء يفكرون في الواجبات الدراسية أو في الألعاب الالكترونية او وسائل التواصل الاجتماعي أو في مزيد من المغامرات.
· هل نظرة الآباء إلى أمور الحياة يمكن أن تتطابق مع نظرة الأبناء؟
كلا أيضاً فالشباب يهتم بالكشف عن كل جديد في هذه الدنيا دون أن يرى شيئآ من صعوباتها بينما الأهل تتكون أفكارهم وحكمتهم على أساس ما يسمونه (خبرة الحياة) إنهم لا يتأقلمون بسرعة مع كثير من الأشياء ويبتسمون في سخرية أمام حماسة الشباب واندفاعه الأحمق.
ثم تتسائل الدكتوره(جاكلين) قائلة:ماذا يبقى في الحياة من جوانب نستطيع أن نجعلها جسرآ يصل بين مفاهيم جيلنا وجيل أبنائنا وترد قائلة:
طبعآ هناك المسكن والطعام وهذا يعني أن الجوانب المادية هي المشتركة وحتى هذه الجوانب ليست دائمة ومع أن احدآ لايمكن ان ينكر أهمية هذه الجوانب الا انها جوانب ليست دائمة فالابناء يتزوجون ويكونون عائلات جديدة وبالتالي فأنهم يتركون منازل آبائهم ثم ينشغلون ببيوتهم الجديدة ومشاكلهم الخاصة
ولكن هناك عناصر أخرى غير مادية تحدث بين الاهل والابناء مثل الروابط الأبوية والعاطفية والاحساس بالانتماء والاحداث التي تمر بهذه الأسرة سوا كانت سعيدة أو حزينة وكل هذا يكون في النهاية نوعآ من الرابطة التي تحكمها ثروة هائلة من الذكريات..الا ان هذه الثروة رغم قينتها الكبيرة عند الانسان فأنها لاتكفي لتجنب وقوع حالة(عدم التفاهم) بين الأهل والابناء ..لماذا.؟؟ لأن الذكريات تنتمي الى الماضي وطبيعة الشباب دائمآ في كل زمان ومكان أن حياته الجديدة المختلفة ستكون أجمل أو أفضل من حياة أهله ولكن هذا الامل يتعثر امام محاولات الأهل الحد من طموح الشباب واحلامه وذلك بفرض الوصاية عليه والخوف المفرط على مستقبله والتدخل المفرط فيما يخططه لمستقبله..وهذه المحاولات تتم بدافع الحب والخوف ..اي انها تتم بدون سوء نية بل حتى دون أن يدري الأهل بعملية (الفرملة) التي يقومون بها ولكن النتيجة واحدة سوا كان هناك الحب او الخوف هو الدافع والثاني (الخوف) نتيجة منطقية للأول (الحب) الذي يصل الى درجة التملك والتي يحرص الاهل على استمرارها بينما آمال الشباب تتجه بجراءة دائمآ نحو الجديد ونحو المستقبل..اذآ فالخلاف بين الأجيال خلاف جوهري وهو ليس بسيطآ أو سطحيآ كما يتصوره الناس وبالتالي فان هذا الخلاف ليس نتيجة لاخطاء بسيطة يمكن تصحيحها فيختفي..كما انه ليس ظاهرة فردية تصيب بعض العائلات وهي ظاهرة طبيعية يجب ان نتوقعها ونستعد لمواجهتها كما نواجه العواصف دون خوف ولاحزن ودون الإحساس بأن حدوث ذلك يعتبر مأساة كبرى.
ثم تقول في النهاية:
ان هدفي ليس اقناع الناس بأنه لابد من الخلاف بين الأهل والابناء..ولكن هدفي هو انه ليس مهمآ تجنب الخلافات فهذا غير ممكن على الاطلاق..وأنما المهم هو كيف نواجهها ونتناول هذا الخلاف بحيث لايصل الى درجة القطيعة أو التمرد والعصيان وردود الفعل الطائشة.
هذا هو رأي استشارية نفسية فرنسية فيما يحدث عندهم ومن وجهة نظرها التي قد لانتفق مع كل ماجاء فيها..فماذا يقول الأطباء النفسيين العرب عن هذه الظاهرة وهل يختلفون كثيرآ مع ماجاء على لسان الدكتوره الفرنسية؟؟
يقول الدكتور عادل صادق استشاري الطب النفسي في كتابه ( حكايات نفسية) : الوجدان هو وسيلة الإنسان للإحساس بالعاطفة ..أي الارتباط بالآخرين..ومن الوجدان ينبع الحب الذي ينبغي أن يكون القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها العلاقات الأسرية بصفة خاصة فالعلاقات الإنسانية يمكن تقسيمها إلى نوعين من العلاقات.
أولهما : علاقات ينعدم فيها وجود الحب وتبنى على أساس المصلحة المتبادلة والمنفعة المادية ومع انتهاء المصالح والمنافع تنتهي هذه العلاقات فتصبح وكأنها لم تكن.
وثانيهما: علاقات يكون أساسها الحب ولا تتدخل في تكوينها أية مصلحة مادية والإنسان السوي لايستطيع أن يعيش بالنوعية الأولى فقط من العلاقات لأنها تؤدي به إلى الشعور بالوحدة والاغتراب فيفتقد المعنى الحقيقي لوجوده كإنسان يشعر بحبه للآخرين وحب الآخرين له حباً منـزهاً عن الأغراض أي (حب لوجه الله) بالتعبير الشائع المألوف.
ثم يقول : والواقع أن مأساة الغرب الآن وبداية تدهور حياتهم التي تظهر بصورة واضحة من خلال جرائم العنف والمخدرات وحالات المرض النفسي والانتحار ترجع أول ما ترجع إلى الطغيان المادي الرهيب الذي أثر على العلاقات الإنسانية وأهدر قيمة الحب فتفككت العلاقات الأسرية واستحالت الحياة إلى شقاء وضياع فالحياة لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال علاقات إنسانية أساسها الحب فهي إحدى السمات التي تميز الإنسان الذي يمتلك وجدانآ صحيحاً.
جدير بالذكر ان الانسان يبدأ في تعلم تكوين هذه العلاقات الأنسانية داخل محيط أسرته..فهناك مايسمى بالحب الأسري وهو المتبادل بين الأب والأم وبينهما وبين الأبناء ويعتبر هذا الحب هو الجرعة الأولى والأساسية التي على نسقها يستطيع الانسان ان يبني علاقات إنسانية أخرى مع الصديق والزميل والجار..فإذا افتقد هذا الحب في طفولته أثر ذلك تأثيرآ سلبيآ على علاقاته المستقبلية..ومن هنا تحدث المأسآة التي نلمس آثارها اليوم في مجتمعنا خلال حالات العنف والقتل والسقوط في دائرة المرض النفسي والعقلي

أما (فهد الحربي) فيقول:
إن مشكلة التفكك الأسري واختفاء العلاقات الإنسانية ترجع إلى اختفاء الحب من البيت وإن وجد فلا يوجد وقت للتعبير عنه وحتى لو توافر الوقت تظهر مشكلة أخرى وهي عدم القدرة على التعبير عن هذا الحب بالشكل والقدر الكافيين.. فالأب الغائب دائمآ عن بيته سواء بالعمل ليل نهار أو بالهجرة المؤقته أو بالسهر خارج بيته يحرم دون شك أسرته من حق تبادل الحب معه..إنه ينسى أن الحب لايتحقق إلا بالممارسة والتعبير لابأن يظل موجوداً على مستوى الوجدان حبيسآ في الداخل..كذلك الأم الموزعة بين الواجبات الأساسية للبيت وبين العمل ستكون أيضاً محرومة من حقها في التعبير السليم عن عواطفها وتبادل هذه العواطف مع أفرادأسرتها.
أن القلق المادي أو القلق من المستقبل هو الدافع الأساسي الذي قذف بالرجل، والمرأة خارج البيت حتى أصبح البيت بالنسبة لهما مجرد مكان للنوم فقط لقد أصبحت القضية الأساسية في حياة الإنسان للأسف تتركز في جمع المال وليس الاستمتاع بالحياة.
وأصبح الإنسان لايعترف بالحب ولا يقدر قيمته ففقد معنى وجوده ولم يشعر بوجود الآخرين.. فإذا كنا قد رضينا بالتنازل عن الحب وهو الرابطة القوية التي تحمل في طياتها الإحساس بالمسؤولية والاهتمام فلماذا نتساءل اليوم عن العنف والجريمة واختفاء أجمل علاقاتنا الإنسانية بين الآباء والأبناء.





رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM.


IPTEGY.COM® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Powered By iptegy.com.