عزيزي الرجل ...مع التحيه

[فهد الحربي]

عزيزي الرجل:

من فضلك حاول أن تتكلم مع زوجتك يوميا لمدة ربع ساعة على الأقل أرجوك..دردش معها في أي موضوع يعجبك فقط..أشعرها أنك تحب أن تحادثها..أنك مهتم بها وبذلك تقتل غول الصمت بينكما وتستبدله بطائر الحوار الصداح الذي يظل ينشد أهازيج هذا الحب المباح والمتاح.

في الحقيقه هذا الرجاء لم يأت هكذا فجأه..أو وليد الصدفه إنما جاء من خلال مسح أجرته مجله نسائيه بريطانيه أعلنت فيه 67% من النساء البريطانيات أكدن أن حياتهن ستكون أفضل وأسهل إذا أمضى أزواجهن 15 دقيقه يوميآ في الحديث إليهن

هذه الدراسه كانت تدور حول احتياج المرأة البريطانية للكلام..فما بالك إذآ عزيزي الزوج باحتياج المرأة الخليجيه بشكل خاص او العربيه بشكل عام..؟

أعتقد أنها ذات طبيعه خاصه تفيض عطفاً وحبآ وتتميز بغزارة الشعور ورقة الإحساس..لذلك أظنها سوف تحتاج المزيد من الوقت حتى تشبع منك ومن جلستك وحوارك وآرائك.. ففي الواقع المرأة العربيه أكثر اعتماداً على الرجل من الغربيه كما أنـها أكثر التصاقآ به منها لكن ماذا عن الرجل نفسه!!

أظنني سوف أعود بهذا السؤال إلى عمق تاريخ العرب لنعرف معآ طبية العلاقه بين الرجل والمرأة في ذلك الوقت وأيضاً لنعرف مدى صلة الرجل بالمرأة في ذلك الزمان خصوصآ وأن الرجل العربي يختلف فهو رجل لماح دقيق الحس.. يقظ الشعور..متنبه الوجدان..واسع الخيال وهذه كلها غرائز أنمتها حياة الصحراء وما يصاحبها من أحداث مفاجئه وغارات مخالسه وكانت للمرأة دومآ في قلب هذا الرجل مكانة عاليه تغذيها غريزه قويه عنيفه متوثبه.. إذ لم يكن للرجل العربي من سلوى في حياته القاسيه المتحفزة إلا المرأة التي كانت ترافقه ولاتكاد تفارقه سواء في أوقات السلم وحتى في أوقات الحرب.

من هذا يتضح أن طبيعة العلاقه بين الرجل العربي والمرأة العربيه كانت علاقة وثيقة لصيقه فهي معه دائمآ في لحظات الخوف والأمن وفي أوقات الطفوله والشباب..في رعي الإبل والغنم وفي رحلة الحي حين يصفو الجو ويحين استمتاع الربيع فقد كانت المرأة هي التي تروي ظمأه وتعد طعامه وتأسو جراحه وتقوي نفسه وتشدعضده حين تلفحه الحرب وتغشاه السيوف.. لذلك عاش الرجل العربي حينذاك وهو يعتقد أن المرأة محور حياته ومدار موته..بها يحيا ومن أجلها يموت..فلماذا كان يحدث هذا من قبل؟! ولماذا لم تعد تتوثق الصلة بينهما الآن؟ وهل سيقتصر الأمر فقط على ربع ساعة كلام في كلام؟ وياليتها تستمر هذه النعمة اللغويه التي ندعو الله أن تدوم وتبقى وان يحفظها ويمنع عنها الزوال..لكن هنا يتوجب علينا البحث عن إجابة هذا السؤال:

لماذا كانت الصله حميمه وصادقه وصافيه بين الرجل العربي القديم والمرأة في ذاك الزمان؟ ولماذا لم تعد كذلك الآن؟! هل لأن التغيير طال الناس والمجتمع (الدنيا تغيرت) أم لأن طبيعة العلاقه بينهما هي التي اختلفت لسبب نابع منهما وحدهما؟ كأن تصبح المرأة مشغولة عن الرجل بأعبائها وهمومها والرجل نفسه لاه عنها بأعماله ومسؤولياته واهتماماته التي تبعده عنها؟

أنا في رأيي أن هناك أمور كثيره سأعطيكم لمحه بسيطه منه تتعلق بخيال الرجل العربي القديم الذي كان يهيم حبآ ويموت عشقآ وقبل ذلك يكاد يفقد عقله بسبب شغف قلبه بامرأة هام بها حبآ.. وهذا ماحدث بين جميل وبثينه التي رآها عبد الملك بن مروان بعد موت جميل فأنكرها وقال لها: ماذا رأى فيك جميل حين هام بك وأنت حمشاء أدماء.. دقيقة الساقين..حديدة العقبين؟

فقالت: لقد رآني جميل بعينيه لابعينيك يا أمير المؤمنين.

العجيب أن الكلام العنيف الأقرب للسباب كان هو السبب في تعلق قلب جميل ببثينه وفي ذلك يقول :

وأول ماقاد الموده بيننا

بوادي بغيض يا بثين سباب

وقلنا لها قولآ فجاءت بمثله

لكل كلام يا بثين جواب
*********************