كومار الهندي وخان الباكستاني

[فهد الحربي]

مشاكل (العماله) في البيوت كثيره والحي الذي تسكنه وفيه أكثر من عامل منزلي تكون مشاكله أكثر من غيره وذلك يرجع للخلافات والمشاجرات التي تحدث بين (العماله أنفسهم) ونادراً ما يخلو بيت من هذه المشاجرات التي لاتجلب إلا التعب والصداع لرب المنـزل خاصة..وإلى أفراد الأسره عامه..لذا أصبح أهل (الحي) الذي يقع فيه منزلي يضربون المثل بالصداقه الوطيده القائمه على المحبه بين العامل الذي يعمل لدي (كومار الهندي) وبين (خان الباكستاني) الذي يعمل لدى جاري..وقد بدأت هذه الصداقه الطيبه بينهما منذ فترة طويله ولم أسمع يومآ عن أي مشاجره بينهما أو مشاده وكان كل اهتمامها ينصب في العمل الذي يقومان به..وفي فترة راحتهما يتفرجان على التلفزيون في غرفة احدهما أو يدور بينهما حوار حول الأمور الحياتيه..وبدوري كنت امنحهما الاهتمام العادل عند جلب أي اكل او هدايا كي لا أتسبب في إثارة الغيره بينهما أو أن يشعر أحدهما بالظلم من جانبي فيتولد الحقد في قلبه نحو صاحبه وكنت أعتبر هذه الألفه الجميله بينهما نعمة كبيره من المولى عزوجل..لكن وكما يقولون دوام الحال من المحال وكل شيء قابل للتغيير والنفس البشريه بعضها كالأيام متقلبه ومتأرجحه فقد حدث قبل أيام معدوده شيء لم يكن في الحسبان ولم أكن أتصور أن يحدث أبدآ
ففي عصر الاربعاء الماضي وبينما كنت ارتدي الملابس استعداداً للخروج وإذ بي أسمع مايشبه الصراخ حتى خلت أن معركه قد نشبت في أحد البيوت المجاوره وعندما دققت السمع جيدآ استطعت أن أميز صوتهما وفسرت الأمر على أنها مشاجره قد حصلت بينهما وبين بعض العماله الذين يعملون في الحي.
فقررت أن أنزل بسرعه لعمل ما يلزم عمله وقبل أن يحدث ما لايحمد عقباه..لكن الذي رأيته كان غير الذي توقعته؟؟ لقد هالني مارأيت لدرجة التي أنني تجمدت في مكاني ولم أقدر على الحركة لثوان..هل يعقل أن يحدث هذا ..؟ تمنيت لو أن الذي يحدث حلم من الاحلام أو نكته عابره..لكنه وللأسف حقيقه واقعه لاتلتمس الشك ولاتحتاج إلى برهان..لقد شاهدت الصديقين الحميمين (يتضاربان) بالأيدي والدماء تسيل منهما ويتبادلان بصوت عال السباب والشتائم..ما الذي حصل ؟ ما الذي جعل المحبه تنقلب فجأه إلى عداوه ؟؟
ما الذي جعل هذين الحملين الوديعين ينقلبان فجأه إلى مصارعين كل منهما يحاول إهلاك الأخر؟؟؟

لابد وأن في الأمر شيئاً..؟ وهل وراء الأمر امرأه أو مال ؟ أو فتنه زرعها أحد الحاقدين؟ وبشق الأنفس استطعت إيقاف هذه المذبحه بينهما لكنهما ظلا يتبادلان الشتائم ويتحفزان لمعاودة العراك أدخلتهما إلى الغرفه وطلبت منهما الهدوء وهددتهما بجلب الشرطه إذا ما استمرا في تبادل السباب وبعد أن عاد الهدوء إليهما خطبت لهما خطبه طويله ربما استغرقت ساعه أو أكثر لدرجة أنني لم أفهم ماذا قلت لهما خاصة حين اكتشفت السبب الذي من أجله نشبت هذه المعركه بينهما؟؟

هل تصدقون ماهو السبب ؟ إنها الكرة...نعم كرة الكريكيت.
فقد نقلت إحدى المحطات الفضائيه مباراة في لعبة الكريكت بين الهند وباكستان وفازت باكستان وقد لعبت المباراة بأعصابهما وصار كل منهما (يتفنن) في تشجيع بلاده حتى أنهما تبادلا السباب أثناء مشاهدتهما للمباراه وتحول الأمر في النهايه إلى مذبحه مؤسفه..وكأن سنوات المحبه بينهما لم تكن أبداً.
يقولون : إن الرياضة تجمع بين الشباب وأقول : إنها تفرق بينهم..وليس العيب في الرياضه ولكنه فينا نحن لأننا بالفعل نفتقد إلى الروح الرياضيه وربما إلى العقل !!
وفي الملاعب لانسمع إلا الشتائم والألفاظ البذيئه وما زال جمهور أحد الأنديه يرمي (قوارير الماء) أمام جمهور ناد منافس له في كل مباراة يتقابل فيها هذين الناديين ولا أدري ما علاقة هذا بالرياضه وروحها.
يقولون : قلة العقل محنه.... وأضيف أنا وأقول ومصيبة كبيرة أيضاً.