اهلا ومرحبا بكم فى مدونة فهد الحربي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-07-2025, 03:55 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 418
افتراضي إختلافنا لايعني خلافنا

((إختلافنا لايعني خلافنا ))


فهد الحربي


في عالم يتزايد فيه الضجيج والانقسام، ويطغى فيه صوت الكراهية أحياناً يبرز التسامح والتعايش كأعظم هدية يمكن أن يقدمها الإنسان لأخيه الإنسان..إنها قيمة جوهرية تزداد أهميتها في عصر تتعدد فيه الأديان والمعتقدات والثقافات وتتداخل فيه الشعوب.
إن جوهر الإنسانية الحقيقي لايختزل في العرق أو الدين أو الانتماء الجغرافي، بل يتمثل في القدرة الفطرية على الحب والاحترام المتبادل والعيش جنباً إلى جنب بسلام، رغم كل التباينات والاختلافات الظاهرية..ومن هنا تنبع الأهمية القصوى لإعادة تشكيل ثقافتنا وفكرنا الجمعي لنغرس في أنفسنا وأبنائنا ومجتمعاتنا ووسائل إعلامنا بذوراً جديدة من القبول الأصيل والاحترام المتبادل الذي يبني لايهدم.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى للبشر أن يتنوعوا ويختلفوا ولم يشأ أن يوحدهم في دين أو لغة أو شكل واحد رغم قدرته المطلقة على ذلك، كما جاء في محكم التنزيل: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾.
لكنه عز وجل أراد لحكمته البالغة أن يتفاعل الناس مع بعضهم البعض وأن يتعلموا من اختلافهم، وأن يسموا على حواجز العرق والدين والمذهب، بحثاً عن المعاني الأسمى للسلام والمحبة والوئام.
من هنا، يجب أن نعيد النظر بعمق في كيفية تعاملنا مع (الآخر) الآخر الذي يختلف عنا في دينه أو ثقافته أو خلفيته الفكرية..يجب أن نراه إنساناً قبل أي شيء آخر، إنساناً يستحق الاحترام الكامل والكرامة المطلقة، تماماً كما نراها لأنفسنا. فالمسيحي واليهودي والهندوسي والبوذي وغيرهم من أتباع الديانات ليسوا أعداء لنا لمجرد اختلافهم في المعتقد بل هم شركاء أصيلون في هذه الحياة يشاركوننا الأرض والمصير المشترك والمشاعر الإنسانية الواحدة.
علينا أن نربي أبناءنا على أن الاختلاف
لايعني الكراهية بل يمكن أن يكون مصدراً غنياً للإثراء والتنوع الذي يضفي جمالاً على الحياة.
التربية يجب أن تنطلق من قناعة راسخة بأن التنوع جزء لا يتجزأ من جمال الحياة وأن الاختلاف في الدين أو الفكر لايجب أن يُنتج عداوة أو نفوراً بل يجب أن يُنظر إليه كفرصة ذهبية للتعرف، والتعاون، والتآلف البناء بين الشعوب. وسائل الإعلام كذلك، تتحمل مسؤولية عظيمة إذ يجب أن تكون منبراً فاعلاً لنشر ثقافة التسامح والتقبل، لا لإذكاء نيران الفرقة والتحريض فهي تلعب دوراً محورياً في تشكيل الوعي الجماعي وفي زرع المفاهيم والقيم التي تسود المجتمعات وتؤثر في مسارها.
لقد ضرب الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام أمثلة رائعة في التسامح والتعايش السلمي مع أتباع الديانات الأخرى لم يكن السلام مجرد شعار يُرفع لديهم، بل كان ممارسة يومية راسخة تجسدت في تعاملاتهم وأفعالهم فحينما دخل النبي المدينة المنورة وجد فيها اليهود وغيرهم من غير المسلمين فلم يُقصِ أحداً ولم يحارب أحداً لأجل الدين بل أقام وثيقة المدينة التي نظّمت الحياة المشتركة بين المسلمين واليهود وغيرهم وكانت نموذجاً راقياً للدولة المتعددة الأديان والثقافات..وكان الصحابة الكرام يسيرون على نهجه الشريف، يعاملون الآخرين بإنصاف ورحمة، يزورون مرضاهم، ويتبادلون معهم التجارة والكلام الطيب والمودة.
من المؤسف أن البعض اليوم يخلط خلطاً خطيراً بين المواقف السياسية والدينية، ويظن أن الخلافات السياسية أو الجغرافية تبرر كراهية الآخر والعداء له..هذا الخلط خطير لأن الدين في جوهره علاقة روحية بين الإنسان وخالقه، وليس أداة للصراع أو التفرقة أو التحريض على الكراهية..وإذا ما استطعنا أن نميز بوضوح بين ما هو ديني وما هو سياسي فسنسهم إسهاماً فعالاً في بناء عالم أكثر عدلاً وإنصافاً وتفهماً.
التسامح ليس ضعفاً بل قوة عظيمة نابعة من القلب المتفتح والعقل المستنير.. إنه قدرة الإنسان على تجاوز الانفعال العابر والتحلي بالحكمة البالغة ورؤية الآخر كما هو في حقيقته لا كما نظن أنه يجب أن يكون..والمحبة الحقيقية لاتعني الاتفاق في كل شيء بل تعني القدرة على احترام الاختلاف دون محاولة تغييره أو محوه أو إلغائه. حينما نصل إلى هذا المستوى من النضج الأخلاقي والإنساني سنكون قد خطونا أولى الخطوات الجادة نحو عالم أكثر سلاماً وأماناً للبشرية جمعاء.
التعايش لا يتطلب أن نتنازل عن معتقداتنا أو هويتنا بل أن نحترم معتقدات الآخرين وأساليب حياتهم دون أن نشعر بتهديد أو خوف من فقدان هويتنا..إنه دعوة مفتوحة لنتشارك الحياة بكل
ما فيها ونجعل من اختلافنا فرصة لبناء جسور التواصل والتفاهم لا لحفر خنادق العداء والانقسام..ومن خلال هذه الروح النبيلة يمكننا أن نواجه خطابات الكراهية والتعصب والتطرف التي تسعى للتفرقة، ونستبدلها بخطابات الحب والتفاهم والتراحم التي تجمع وتوحد.
ما أحوجنا اليوم إلى إعادة بناء خطابنا الثقافي والديني والإعلامي ليعكس روح التسامح الحقيقية، ويغرس في أجيالنا القادمة فكرة أن (الآخر) ليس خطراً يهدد وجودنا، بل هو فرصة ثمينة للتعلم، والنضج، وإثراء تجربتنا الإنسانية. هذا التغيير العميق يبدأ بكلمة طيبة، بفكرة متفتحة، بتصرف حكيم، ويمتد ليشمل مجتمعاً بأكمله.
فهل نمدّ أيدينا للآخرين بصدق؟
هل نفتح قلوبنا لنعبر إلى ضفاف جديدة من الاحترام والسلام؟
الجواب يبدأ الآن، ونحن نقرر أي نوع من البشر نريد أن نكون في هذا العالم المتغير.


الموضوع الأصلي: إختلافنا لايعني خلافنا || الكاتب: فهد الحربي || المصدر: مدونة فهد الحربي

مدونة فهد الحربي

مدونة فهد الحربي ، فهد الحربي ، السعودية ، الإمارات ، الملك سلمان ، الامير محمد بن سلمان ، الشيخ محمد بن زايد ، الحب ، المشاكل ، الزواج ، المرأة ، الفتيات ، الشباب


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لايعني, خلافنا, إختلافنا

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:12 PM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com
This Forum used Arshfny Mod by islam servant
1 2 3