|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
لا الكلام دائمآ من فضة..ولا السكوت من ذهب
((لا الكلام دائمآ من فضة..ولا السكوت من ذهب)) لسانك هو شخصيتك عندما ينطق يدل على هويتك وصفاتك وأخلاقك واللسان لاينطق إلا إذا أشرت إليه بعقلك..كن صادقآ أو كذوبآ أو مراوغآ أو منفرآ سليطآ ولذلك يقولون في الأمثال : (سلامة الإنسان في حفظ اللسان) و (ماعدو الإنسان إلا لسانه ) و (جرح السلاح يبرأ وجرح اللسان ما يبرأ ) وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة تأكيداً لقوله تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلآ كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون). واللسان كالحصان الجامح إذا تحكم فيه الإنسان ضمن سلامته وإن أفلت منه الزمام كان وبالآ على صاحبه ولذلك قالوا في الأمثال أيضاً (لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك) وإذا كان القرآن الكريم والأحاديث النبوية وحكم السلف الصالح والأمثال الشعبية تحذر من فلتات اللسان وجموحه فلماذا يمعن البعض في إنتقاد الآخرين والسخرية منهم والتشهير بهم أحياناً؟ يقول الدكتور الطبيب النفسي (محمد شعلان) في احدى كتبه : نحن بصفة عامة شعب صناعته الكلام نتكلم أكثر مما نعمل ونضيع الكثير من أوقاتنا في أحاديث تافهة تضر أكثر مما تنفع لأنها في أحيان كثيرة تنـزلق بنا إلى ما لايجوز أن يخرج عن حيز النفس ورقابة الضمير والكلام يغري صاحبه عادة بالمزيد منه خاصة إذا كان الشخص يعاني من عقدة نقص ويرغب لاشعوريآ في أن يستر نقصه ويداري ضعفه فيجد في الكلام بضاعة رائجة ووسيلة لإحاطة نفسه بهالة من الأهمية يعجز عن تحقيقها في الواقع فتختلط الحقيقة في ذهنه بالخيال فيكون الإختلاق والمبالغة وعندئذ تحدث البلبلة التي قد تصل إلى حدة العداوة. وقد لايكون الشخص ممن يعانون نقصآ ولكنه من ذلك النوع الثرثار الذي يعجز عن الكتمان..والبعض يتصور أنها طبيعة لايمكن التغلب عليها وقد يتخذون من هذه الصفة مادة لإثارة الإهتمام أو الدعابة والسخرية ولكن الحقيقة أن ذلك العجز هو إفتقار للنضج فالشخص الذي لايستشير عقله قبل أن ينطق لايفرق بين الحديث الذي يمكن أن يخوض فيه بلاضرر يصيب الآخرين والحديث الذي أرتبطت به حقوق لغيره أو مصلحة عامة تحتم الكتمان هو شخصية استعراضية هشة وذو عقلية قاصرة لايتحمل المسؤولية ولايقوم بدور إيجابي سواء في محيطه الخاص أو العام . والمثل الذي يقول: (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) أكبر دليل على أن الصمت أحيانآ كثيرة يكون ضروريآ ولازمآ وإيجابيآ ويمثل قمة النضج والمسؤولية لأنه يعبر عن موقف امتثالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرآ أو ليصمت) ويصر الكثيرون على إتهام المرأة وحدها بالثرثرة وسلاطة اللسان وانفلاته مع أن واقع الحال في مجتمعنا بكافة قطاعاته يشير إلى أن التهمة تنسحب على الرجل مثل ما تحيط بالمرأة..ولكن هذا لايعني أن يغلق الجميع أفواههم ولكن الكلام المقصود هنا هو الكلام الذي يؤدي إلى الخطأ..الكلام بدون تحديد أومنطق أو هدف..الكلام الذي يلقي جزافآ..وقد يؤذي أو يجرح.. في مثل هذه الأحوال يكون السكوت أفضل لأنه يعصم من الخطأ. يقول أحد الأزواج : حينما رشحت لي الأسرة إحدى الفتيات للزواج وافقت على الفور فهي قمة في الجمال وكانت محط أنظار الشباب وأنا منهم وحمدت الله أنه حق حلمي ولأن مرآة الإعجاب عمياء فلم أنتبه في فترة الخطبة إلى لسانها السليط الثرثار وأعتبرت ذلك نوعآ من الدلال وإثبات الذات ولكني الآن أعاني من نفور الأهل والأصدقاء ومقاطعتهم لي بسبب الثرثرة السليطة للسان زوجتي حتى أنهم يطلبون مني حين ادعي لمناسبة اجتماعية أن أذهب وحدي حتى لاتقلب المناسبة نكدآ وغمآ أما أنا فهارب منها طوال الوقت!! الدكتور النفسي الكندي (جوردن بيترسن) : يرى أن القضية نسبية وليست مطلقة فالصراحة قد تسمى أحيانآ بجاحة والخضوع والصمت قد نسميه أدبآ لأننا لم نتعود بعد على الصراحة والشجاعة في إبداء الرأي فإذا ما انصلح أمر إنسان وترك السكوت واتجه إلى التعبير عن نفسه بصراحة فإنه يرفض مع الأسف وهو في محاولته لأن يكون صريحآ..قد يتطرف في صراحته وإذا أردت توجيهه فإنه يدافع عن نفسه أو يبرر ذلك قائلآ (أنا عيبي أنني صريح) وعمومآ فالقضية كلها تكتسب قيمة إيجابية حسب كمية التعبير ومداه ونوعه وكمية السكوت ودلالته. والسكوت أنواع : فهناك السكوت الذي يعبر عن الرفض..والسكوت الذي يعبر عن الرضا والسكوت الذي يعبر عن التواصل. والسكوت الرافض: هو الذي يأتي تعبيرآ عن عدم قبول ما يجري وعدم الإقتناع به وهو في هذه الحالة يقوم على الضغط النفسي. أما السكوت المعبر عن الرضا: فهو في الواقع لايعبر عن شيء ولايقول شيئآ وهو مايمكن أن نسميه سكوت الخضوع في معظم الأحيان فصاحبه خاضع وعاجز ومن هذا المنطلق يأتي القبول والرضا. أما سكوت التواصل: فهو يعير عن مستوى من الوجدان والمشاعر بين شخصين لايمكن التعبير عنه إلا بالسكوت لأنك مهما قلت فلن تصل إلى ما تريد فمثلآ عبارة (أحبك) هي نوع من الدفاع ضد العكس وضد الشك في الحب ولكن بعد مرحلة معينة من الحب نجد أن أبلغ تعبير عن الحب هو ألا نقول شيئآ..ولعل ذلك يذكرنا بما قاله الشاعر الإنجليزي (توماس إليوت): (إلى زوجتي التي استطيع أن أثرثر معها وأن أقول كل شيء دون ان أفتح فمي بكلمة واحدة) ولكن الزوجات يكرهن صمت الأزواج وفي الشهر الماضي أصدرت محكمة الأحوال الشخصية في احدى الدول العربية حكمآ بتطليق زوجة من زوجها لإمتناعه عن الكلام معها بإعتبار ذلك ضررآ تستحيل معه العشرة بين أمثالهما ولم تأخذ المحكمة بدفاع الزوج الذي قال فيه : نعم التزمت الصمت معها لأن تفكيرها سطحي وحكمها دائمآ على الأمور حكما سطحيآ ولاتناقش معي إلا توافه الأمور رغم كونها سيدة موظفة وتحمل مؤهلآ عاليآ لذلك فضلت الصمت على الكلام معها. أما الأخ (أبوعادل) فيقول : أنا بالفعل أفضل الصمت عن الكلام مع زوجتي حتى أتجنب المشاكل فكلما تحدثنا معآ في أي موضوع نتشاجر وينتهي النقاش بالنكد لذلك فضلت أن أكون مثل (الصخرة) حتى أستريح من المشاكل وهذا طبعآ لا يرضى الزوجة وهكذا تراني أدور في حلقة مفرغة! الأخت (وجدان) تقول : تزوجت من ابن عمي منذ عشر سنوات رزقنا خلالها بثلاثة أبناء على جانب كبير من الذكاء والتفوق واستطعنا رغم زواجنا التقليدي أن نبرهن للجميع عن صدق مشاعر كل منا تجاه الآخر حتى أصبحنا مثالآ للزوجين المتحابين وخلال هذه الفترة استطعنا بكفاحنا المشترك وعملنا أن نمتلك المسكن العصري المريح والسيارة الفاخرة ولكن هذا لم يمنع حدوث النقاش بيننا بين حين وآخر وحتى عندما كان هذا النقاش يتحول إلى خلاف إلا أنه سرعان ما ينتهي بالصلح والصفح الجميل . ولكن منذ عام تقريبآ لاحظت تغيرآ في تصرفات زوجي فهو يخلو لنفسه كثيرآ ولايتبادل معي أي حديث إلا نادرآ ثم يعود إلى صمته..ناقشته لعلي أكون قصرت في حقه دون أن أدري ولكنه نفى ذلك ولم أصل معه إلى سبب واحد يدعوه لهذا الصمت والإنطواء حتى أصبحنا نعيش كالغرباء تحت سقف واحد..وأتساءل هل انتهى حبه لي؟ هل هو على وشك الفرار من عش الزوجية بسبب امرأة أخرى؟ إنني بصراحة خائفة ولا أعرف كيف أتصرف؟ في بحث أجراه العالم النفسي الألماني (الدكتور مانفريد لوتز) عن الزواج في ألمانيا اتضح له أن الزوجين يتحدثان معا لمدة (70دقيقة) خلال العام الأول من الزواج وتقل هذه المدة إلى النصف (35 دقيقة) في العام الثاني وتتدرج حتى ينقطع الحديث الحلو تمامآ في العام الثامن من الزواج لكن هذا لايعني في كل الأحوال إنفصام عن الزوجية ويقول علماء النفس : قبل الشكوى من الصمت والكلام علينا أن نتعلم أولآ (فن الإصغاء) فنحن جميعآ نحتاج إلى من يصغي مجانآ وعيادات الأطباء النفسانيين يقصدها أناس حرموا ممن يصغي إليهم مجانآ وفي أغلب الأوقات تنقطع الحرارة عن الإتصالات الإنسانية لعدم وجود من يستمع لأن الجميع يريدون الكلام. يقول أحد خبراء الأسرة: إنني في الحقيقة لا أعمل كثيرآ لإعادة الأمور إلى نصابها بين أفراد الأسرة وأغلب ما أعمله هو الحرص على تهيئة الفرصة لكلآ منهم لكي يتكلم على أن يصغي إليه الآخرون دون مقاطعة وغالبآ ماتكون هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي أمكنهم فيها الإصغاء إلى بعضهم البعض فالإصغاء يكسب الإنسان الحكمة وإهتمام الآخرين ومحبتهم أيضاً وهو يعني أيضاً أنك كما تتيح الفرصة للآخرين للكلام فعليهم أيضآ أن يمكنوك من هذه الفرصة وعند الكلام تعلم فن التفكير قبل الإندفاع في الكلام حتى تكون كلماتك في مكانها وحتى تحدث الأثر الذي تبغيه. عن هذا الصمت الزوجي يقول الدكتور النفسي (محمد شعلان) : أنا أختلف تمامآ مع من يفسرون الصمت الزوجي على أنه إنتهاء للحب بين الزوجين فالحب بين الزوجين يختلف تمامآ عن الحب الذي نعرفه قبل الزواج حتى أكاد لا أطلق عليه حبآ حتى لا تختلط مع حب ما قبل الزواج لأن العلاقة الزوجية تأخذ شكلآ مختلفآ ومعنى مختلفآ والمشاعر التي يشعر بها الحبيبان أو الخطيبان قبل الزواج ليست هي المشاعر ذاتها التي يتبادلانها بعد الزواج فالعلاقة الزوجية وما يحيط بها من مشاعر تكون مبنية على أسس أخرى غير العواطف المجردة ومنها : - الإحساس بمعنى الشركة - الإحساس بالمسؤولية داخل هذه الشركة. - العطاء..أي بذل جهد إيجابي لإنجاح الشركة. - تقديرعطاء الطرف الآخر..أي إدراك دور هذا الطرف في إنجاح الشركة وإذا افتقدت الحياة الزوجية هذه المقومات فلن يكون هناك معنى للحوار وإذا حاول الزوجين التحاور فسيكون حوارآ سطحيآ بلا مضمون ولا إحساس والحل دائمآ يكمن في أن يبدأ كل من الزوج والزوجة بمناقشة نفسه أولا قبل أن يناقش أو يشكو من الطرف الآخر. المصدر: مدونة فهد الحربي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|