أطفالنا فلذات أكبادنا

((أطفالنا فلذات أكبادنا)) الطفل في العالم العربي كائن مسكين لم يكفي أنه يعيش وسط القلاقل السياسية والحروب الأهلية والعُقد الاجتماعية والفقر والبطالة التي تنخر في بنية مجتمعاته ليصل

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-02-2016, 04:33 AM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 296
افتراضي أطفالنا فلذات أكبادنا

((أطفالنا فلذات أكبادنا))



الطفل في العالم العربي كائن مسكين لم يكفي أنه يعيش وسط القلاقل السياسية والحروب الأهلية والعُقد الاجتماعية والفقر والبطالة التي تنخر في بنية مجتمعاته ليصل الأمر في النهاية إلى تجاهل وجوده وهتك آدميته وسحق براءته.
في الدول المتحضرة يتم بناء شخصية الطفل منذ الصغر حتى تطمئن المجتمعات على مستقبلها لإدراكها أن الأجيال القادمة هي التي ستحمل شعلة المستقبل وذلك بتزويدها بأدوات المعرفة المتنوعة ومنحها الإستقلالية في الرأي وتوفير المناخ الإجتماعي والإقتصادي الجيد لها حتى تشب معافاة نفسياً.
ولو بحثنا في أعماق كل فرد لوجدنا أن سلوكياته الحياتية تقوم على ما تجرعه على مدى سنوات طفولته من موروثات إجتماعية وتربية أسرية وما تعرض له من تجارب ذاتية..هذه العوامل المتعددة المصادر هي للأسف التي أدت اليوم إلى تقهقر المجتمعات العربية حيث لا ينظر للطفل على أنه العماد الصلب الذي يقوم عليه صرح التقدم.
يرى بعض المختصين أن الأسلوب الذي يتبعه الكثير من الآباء في تربيتهم لأبنائهم هو أسلوب خاطئ لأنه يقوم على العنف وهناك حالات عديدة في أنحاء العالم العربي يتعرض فيها الأطفال لإعتداءات جسدية ونفسية على يد آبائـهم بحجة تقويم إعوجاجهم مما يزرع في أعماق الطفل نـزعة السيطرة كونه تربى في بيئة معدمة من المناخ الديمقراطي والنهاية جيل مشوه يسير بخطوات متهورة يجهل منافذ الطرق الآمنة التي ستوصله إلى مراده.
يرى آخرون أن الألعاب في التطبيقات وغيرها من الأجهزة وأفلام العنف ساهمت في تشجيع الأبناء على تقليد ما يشاهدونه وكم من جرائم أبطالها من الأطفال كان الدافع لجرائمهم تطبيق ما شاهدوه على هذه الوسائل..ويعتقد آخرون أن الفقر يشكل عاملاً أساسياً في تأجيج العنف حيث تضطر الأسر الفقيرة إلى حرمان أبنائها من التعليم ودفعهم ليساهموا في جلب لقمة العيش هؤلاء الأطفال يعملون في أجواء صحية بالغة السوء وبأجور زهيدة بجانب إستغلال شبكات المافيا هذه الظاهرة المتفشية في إستقطاب الأطفال عن طريق شبكات الإنترنت والتغريروالمتاجرة بهم وبأجسادهم مما يخلق في دواخلهم بذرة الثورة على كل من حولهم والحقد على مجتمعاتـهم التي لم تقدم لهم شيئاً وقد ذكرت الإحصائيات الأخيرة أن هناك ما يقارب 250 مليون طفل لم يتجاوزوا الرابعة عشرة يشتغلون في الدول النامية..مشكلتنا في العالم العربي إن أغلب الأسر لاتعرف كيف تتعامل مع أبنائها وتعتقد أن العزم الصارم هو أقصر الطرق لتحقيق المراد في تقويم إعوجاجهم دون محاولة التقرب منهم والإستماع لمعاناتـهم وتفهم مرحلة مراهقتهم ووضع الحلول الممكنة ليتجاوزا أزماتـهم النفسية.
أتذكر وأنا صغير سألت عمي سؤالاً نابعاً من فضولي الطفولي صفعني وقتها على وجهي صفعة قوية جلست بعدها سنوات لا أعرف سر هذه الصفعة؟ ولم أتجرأ على تكرارالسؤال مرة أخرى حتى كبرت وأدركت أن سؤالي كان خارجاً عن المألوف.
وفي الأسر العربية ممنوع على الطفل أن يسأل أسئلة أكثر من حدوده المرسومة له أو محاولة إشباع رغبته الفطرية في إستكشاف العالم من حوله..حتى في المدرسة لم أسلم من نبرة التهديد والوعيد من معلمي وكنت عندما أستفسر عن شيء من صميم المنهج الذي نتعلمه كان يأمرني بالسكوت وحفظ الدروس دون نقاش!
اليوم رسخت في فكري أمور كثيرة أبرزها أن الآباء وأولياء الأمور يتعاملون مع أبنائهم كالقطة التي تخنق أبناءها بدافع حبها وخوفها عليهم وهوما أعتادت عليه الأسر العربية بوضع سياج من الرقابة والحماية على أبنائها لحمايتهم من الفجوات قد يتعرضون لها في بداية حياتهم مما يحول بينهم وبين تذوق طعم التجربة الذاتية وفقدانـهم مع مرور الوقت القدرة على إتخاذ القرارات الصائبة وعدم إستطاعتهم مواجهة أقدارهم بصلابة فيقعون في هوة الضعف التي تضطرهم في بعض الأحيان إلى اللجوء للعنف للتنفيس عن مطالبهم وتطلعاتـهم أو التقوقع داخل الذات والتفكير في صمت دون أن يشجعوهم على رفع أصواتـهم ولو قليلاً لمعرفة ماهية الأشياء من حولهم أو التعبير عن مكنونات نفوسهم بحرية.
إن الإعلام في ظل الثورة المعلوماتية التي تجتاج العالم بإمكانه المساهمة بفاعلية في ترميم العلاقة الجافة القائمة داخل الأسرة من خلال إقامة برامج توعوية توضع للآباء لشرح السبل التربوية السليمة في تربية النشء الجديد والتأكيد على أن ممارسة العنف على الأبناء سيفرز عنفاً أشد على المدى البعيد..كذلك لابد أن تهتم المؤسسات الثقافية والإجتماعية والتعليمية بأدب الطفل ففي الوقت الذي ينظر فيه العالم المتحضر لهذا الأدب بكم وافر من التقدير ويحظى صاحبه بالرعاية والدعم نرى أن ندرة من البلدان العربية تهتم بإبراز هذا الجانب لقناعتها بأن بث الأفكار منبع جبار لتكوين شخصية الطفل وصقل مواهبه بجانب وجوب إخراج التوصيات لأرض الواقع وتطبيق النظام والقانون الذي يوجب التعليم الإلزامي للأطفال والسعي لحل مشكلة الفقر والبطالة حيث من الصعب على رب الأسرة المنهك معنوياً والمضغوط مادياً أن يلبي كافة إحتياجات الأبناء.
إن الوقوف في الصفوف الأمامية لايتم بالقفز عشوائياً بين الصفوف ولايتحقق بالتدافع لإستعراض قوة العضلات..الإلتحاق بركب الحضارة يبدأ من نقطة الصفر بإرضاع الأطفال جرعات من الإستقرار والفهم والمعرفة ليشبوا سليمي الجسد معافى العقل قادرين على المشي بثبات نحو بوابة الغد.



رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أحباب, الله, حقوق, والملائكة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:42 PM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com