الوساوس عذاب الليل وجحيم النهار

((الوساوس عذاب الليل وجحيم النهار)) الوساوس عذاب بالليل وجحيم بالنهار..لها جذور من التربية ولها من الموروثات نصيب كبير. ونحن جميعآ نعاني بشكل أو بآخر من الوساوس ولكنها

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-26-2024, 08:34 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 296
افتراضي الوساوس عذاب الليل وجحيم النهار

((الوساوس عذاب الليل وجحيم النهار))

الوساوس عذاب بالليل وجحيم بالنهار..لها جذور من التربية ولها من الموروثات نصيب كبير.
ونحن جميعآ نعاني بشكل أو بآخر من الوساوس ولكنها عندما تتحول إلى إلحاح شاذ تصبح عذابآ سلوكيآ لايعاني منه الا صاحبه والمحيطون به.
فما هي الوساوس المرضية وما مظاهرها وكيف نتغلب عليها إذا كان أحدنا قد بدأ يعاني من مقدمات أعراضها؟
الشخصية الوسواسية لها صفات إيجابية وأخرى سلبية وعن صفاتها الإيجابية يقول الدكتور (يسري عبد المحسن) أستاذ الطب النفسي:
يتميز صاحب الشخصية الوسواسية بالدقة والنظام الشديد في كل شيء وهو صاحب ضمير حي يحاسب نفسه دائمآ ويكون حريصآ على إتمام كل عمل يقوم به على الوجه الأكمل وهو يقظ دائمآ يحسب كل أمور الحياة بدقة ويتردد كثيرآ في إتخاذ القرارات وتكون لديه صفة حب الإلتزام والتحفظ والحياة التقليدية الروتينية بعيدآ عن أي رغبة في التغيير.
أما عالم النفس (جوردان بيترسون) فيرى أن: الوسوسة هي عدم القدرة على التخلص من التفكير في أمرها..هو سيطرة فكرة بعينها أوموضوع ما على ذهن الانسان وعدم القدرة على الإنتقال الى فكرة أخرى.
ولاتهدأ وسوسته الا اذا عاد كل شيء إلى مكانه الطبيعي ولايتوارى قلقه إلا اذا شعر بسيطرته الكاملة على مجريات الأمور أبسط الاشياء تقلقه وتزعجه مثل التأخر عن موعد ولو لمدة خمس دقائق..مثل عدم وجود القلم في مكانه المعتاد..مثل عدم إنتظام السجادة التي امامه..مثل عدم الإنغلاق التام لدرج المكتب..مثل قطرة من الماء تتسرب في الحمام..مثل الأوراق غير الموضوعة على المكتب بنظام كلها أشياء بسيطة يمكن التجاوز عنها ولكنها تقلقه وتزعجه وتشتت فكره ولايستطيع التركيز في أمرهام الا اذا تم تسوية هذه الأمور التافهة ولهذا يتعب الناس معه وخاصة الذين يعملون تحت امرته وهذا الانسان إبداعاته قليلة نظرآ لإهتمامه بالتفاصيل والحرص على الشكل بل هو لايميل الى الإبداع لأن الابداع ليس له قواعد ثابته.. الإبداع هو خروج على المألوف وكسر للأسس والقواعد المعمول بها بينما هو أشبه مايكون بالكمبيوتر ينفذ بدقة ولكنه لايخلق شيئآ.
ثم يضيف: والحياة مع صاحب هذه الشخصية صعبة ولكن من يفهمه يرتاح معه ويطمئن اليه.. التعامل معه يدعوا الى الثقة وهو ذاته لايثق في أحد بسهولة ويحتاج لوقت طويل حتى يضع ثقته في أحد وكذلك ليس من السهل أن يسحب ثقته بأحد.
وأصحاب الشخصية القهرية اكثر الناس معاناة من القلق والتوتر والصداع النصفي وآلام المعدة والقولون العصبي والمعاناة الشديدة قبل الدورة الشهرية بالنسبة للمرأة وهم لايرتاحون ولايريحون ولكنهم هم الذين يحافظون على النظام والالتزام والأصول والتقاليد الراسخة في حياتنا.
أما عالم النفس (ستيفان لاندوفسكي) فيرى أن حالات الوسوسة من الأمراض العصبية الشائعة ويقصد بها تسلط فكرة معينة أوعدد من الأفكارعلى ذهن المريض وأستمرار ترددها عليه وعجزه عن ابعادها او التخلص منها رغم علمه انها سخيفة وغير معقولة وغير مقبولة وتظل تزعجه وتقلق مضجعه وخاصة كلما حاول ابعادها عن ذهنه.
ويجب أن نفرق بين الأفكار الخاطئة التي يعتقد صاحبها في صحتها تمامآ ومن ثم فلا يناقشها لأنها من المسلمات لديه..أما الوسوسة فصاحبها يعلم بخطئها ولكنه لايستطيع أن يمنع نفسه من ممارساتها فالشخص الوسواسي لايقبل الأفكار التي تزعجه ولكنه لايستطيع ابعادها عن نفسه وعندما تسيطر الوسوسة على انسان فإنها تحوله إلى كائن آخر..كائن لايثق بأحد ولاحتى بنفسه.. كائن يلفه الشك وتغمره الوساوس الى درجة المرض.
وعلماء النفس يفرقون بين الوساوس البسيطة والوساوس القهرية وعلى الرغم من انفصالهما الظاهري كسلوك إلا أنهما كثيرآ ما يظهران معآ فالوساوس المتسلطة تظل مجرد أفكار تتجول داخل النفس تحاول النفاذ من خلال صاحبها..البعض بإرادته يروضها ويكبتها والبعض يستسلم لها بإرادته أو بغير إرادته كفعل نفسي جامح فاذا تحولت الى فعل وتصرف تحولت الى أفعال وسواسية أو وسواسية قهرية.
مثل هذه السيدة التي تقوم بغسل يديها بالماء والصابون وأحيانآ بمطهر أكثر من 20 مرة يوميآ حتى تلتهب يديها وهي تفعل ذلك كلما أجبرت على مصافحة انسان او مست بيدها نقودآ أو أحتك بها أحد او شعرت انها تعرضت للتلوث فكل ما تلمسه من ايدى الآخرين هو في نظرها ملوث يجب عدم الإقتراب منه أوتطهير يديها منه اذا لامسته أولامسها أنها تكرر أفعالها بصورة تلقائية ولايمكنها أن تتحكم شعوريآ فيما تفعله وماتفعله بنفسها تريد تطبيقه أيضآ على زوجها وابنائها أوتحاول ذلك.
وأخرى تنفق كل وقتها في تنظيف شقتها مرات عديدة كل يوم ثم تطهير كل جزء منها..انها تستنفذ قواها ومن معها ولكنها الوسوسة من عدم نظافة الشقة.
وتلك الأخرى أو الآخر الذي لايستطيع مقاومة عد درجات السلم أو عد أعمدة مصابيح الإضاءة في الشوارع..أوعد الأدوار في البنايات المرتفعة وحتى عد بلاط الشارع أو الأرصفة أو السيارات المارة أو لمس الحائط أثناء المشي أو البصق في الطرقات.
وهناك الموسوس الذي يقضي الساعات الطوال ينظم كل شيء في حجرته ويؤكد في الوقت نفسه انه من البلاهة أن يقضي كل هذه الساعات في هذا العمل التافه ولكنه لايستطيع أن يتوقف عن فعله وحتى اذا استطاع أن يوقف مثل هذه الأفعال التسلطية فانه فقط يستبدلها بغيرها من الأفعال أو الأفكار غير المنطقية الأخرى..إنه يعاقب ذاته فالمريض يكره هذه الممارسات ولكنه لايستطيع أن يكف عن أدائها.
وأصحاب الوساوس تسيطرعليهم مشاعر الشك والريبة ولايثقون حتى فيما تراه أعينهم ولا في ذاكرتهم فقد يغادر المريض منزل بعد ان يتأكد من انه أطفا الانوار وأغلق صنابير الغاز ولكن قبل ان يصل الى نهاية الشارع الذي يقيم فيه يعود أدراجه ويفتح الباب ويراجع على كل شيء مرة أخرى..الأنوار والغاز وقفل الباب.. الخ..وعندما يوقف سيارته في الشارع أو في الجراج فانه مايكاد يسير بضع خطوات حتى يعود اليها مرة اخرى ليتأكد أن أبوابها وزجاجها مغلق تمامآ وان أنوارها مطفاة وهو يعلم تمامآ انه لا الزجاج ولا الأبواب ولاحتى جهاز الأنذار يمكن أن تمنع لصآ من سرقتها إذا أراد.
كذلك الأم التي تسيطر عليها فكرة خاطئة وهي أن ابناءها في خطر دائم فهي تتصل بالمدرسة لتتأكد من وجودهم وتنتظرهم من على النافذة أو امام بيتها لحين عودتهم ولو تأخروا قليلآ لسبب خارج عن إرادتهم فإنها تكاد تصل إلى حد الجنون من الهواجس التي تنتابها.
وكثير من ربات البيوت يقمن ليلآ للتأكد من إغلاق قفل الباب أو إغلاق صنابير المياة والغاز والكهرباء وأن أطفالها هادئون في فراشهم وقد يكون ذلك جائزآ لمرة واحدة..أما لوعدة مرات في اليوم الواحد أو في أيام متتالية فإنه عندئذ يكون قد أتخذ شكل المرض النفسي.
وكثير من الوساوس الخفيفة التي تمارس بشكل تكراري لاتعدو أن تكون تعبيرآ عن عدم الأطمئنان العام أو عن الشك والريبة أو عن ضميرمبالغ فيه من حيث درجة التزمت..وهناك الآلاف من الذين تظهرعليهم هذه الأعراض ويستطيعون كبحها بإرادتهم المجردة وبالتالي تصبح متمشية مع الظروف المحيطة بهم ولكنهم لو تعرضوا لمواقف أخرى تهدد أمنهم فان هذه الوسوسة عندهم تزداد وتتفاقم.
يقول عالم النفس (شيلدون كاشدان) في كتابه علم نفس الشواذ: وعلى الرغم من أن الخط الفاصل بين أنواع الوساوس السوية والوساوس القهرية الشاذة خط غير واضح الا اننا نشتبه في وجود المرض النفسي إن بدأت أفعال الفرد تتدخل في قدرته على القيام بوظائفه اليومية بنجاح وهذا يتضح من الحالة التالية..مريض أجريت له مقابلة في عيادة خارجية لأحد المستشفيات النفسية وكان يشكو من حافز لايستطيع مقاومته يدفعه الى جمع العلب الفارغة حتى أنتهى الأمر الى تراكم الآلاف من العلب وأصبحت تطارده في كل مكان وأصبح لزامآ عليه أن يغير من عادات معيشته حين وجد انه لم يعد يستطيع أن يأكل أو يرتدي ملابسه في غرفته من كثرة العلب التي تحتويها غرفته وبمرور الوقت اضطر الى ان يلتمس العلاج.
ثم يقول( كاشدان) إن في كثرة التدخين عند مدمنيه عملية مشابهة ذلك ان كثيرآ من المدخنين يشعلون السيجارة عندما يشعرون على نحو زائد قليلآ من التوتر أوعدم الإرتياح وهم يزعمون أن التدخين يساعدهم على الهدوء رغم علمهم بأضراره ومخاطره على القلب والرئتين والجسم عمومآ ولذلك فان فعل التدخين نفسه لابد وان يؤدي بدوره الى نوع خاص من القلق لدى المدخن ولو أننا أستخدمنا هذه الصياغة النظرية في فهم السلوك القهري لساعدنا ذلك على أن نفهم كيف ان مثل هذا السلوك يكرر نفسه وكيف ان المرضى بالوساوس القهرية يجدون من الصعب عليهم أن يفسخوا هذه الأنماط السلوكية غير التوافقية الا بالإرادة والعزيمة وحدها فعلى الرغم من المشكلات التي تخلقها الوساوس والأفعال القهرية الا ان كثيرآ من المرضى يتمكنون من أن يؤدوا وظائفهم بطريقة سوية لكن ذلك يختلف تمامآ بالنسبة للوساوس القهرية الحادة التي تبلغ حدآ من الإختلال يجعلها تؤدي بالمريض الى العجز الكامل وعدم القدرة على الفعل او العمل السوي المنتظم.
لقد كشفت بعض الدراسات الحديثة عن الأشكال التي يتخذها الوسواس تقول هذه الدراسات:
الشكوك الوسواسية
1/ إن الشكوك الوسواسية: هي عبارة عن أفكار بإن العمل الذي أتمه الفرد مازال غير تام أو لايتم بالدقة..ولقد وجد هذا الوسواس عند 75% من مجموعة المرضى كأن يغلق أحدهم الباب ثم يعود ليتساءل هل هو أغلقه بالفعل أم لا؟
التفكير الوسواسي
2/ التفكير الوسواسي: وهو عبارة عن سلسلة لامتناهية من الأفكار تتركز في الغالب حول المستقبل وقد وجد هذا النوع عند 34% من مجموع المرضى فالمرأة الحامل يملأ فكرها هذا التساؤل: اذا جاء طفلي ولدآ فلربما يذهب الى مهنة تأخذه بالضرورة بعيدآ عني أو الى مهنة خطرة على حياته ولكنه قد يرغب في العودة الي فماذا افعل اذن وهكذا تدور الافكار في رأس الحامل.
الدوافع الوسواسية
3/ الدوافع الوسواسية: وجد هذا النوع عند 17% وخلاصته وجود دافع قوى للقيام بعمل ما تتراوح هذه الأعمال مابين الأعمال البسيطة والتافهة الى الأعمال الخطيرة والاجرامية ففي حالة أحد المحامين كان يعاني من فكرة مسيطرة عليه للقيام بشرب الحبر الموجود في مكتبه.
المخاوف الوسواسية
4/ وتوجد عند26 % من مجموع العينة حيث كانوا يخافون من فقدان السيطرة والقيام بعمل أشياء سوف تسبب لهم الحرج الإجتماعي من ذلك ما قرره احد المدرسين (32 عامآ) من أنه كان خائفآ ان تفلت منه كلمات حول علاقته السيئة بزوجته مع تلاميذه في الفصل.
الصور الوسواسية
5/ الصور الوسواسية: وهي عبارة عن صور ذهنية لأحداث وقعت أو أحداث متخيلة وتوجد عند 7% من العينة من ذلك ان أحد الأمهات كانت ترى ابنها وقد جرفته مياه المرحاض كلما دخلت الى الحمام وغالبآ ما تكون الأفكار الوسواسية افكاراً مزعجة على الرغم من أن المريض يدرك تمامآ انها أفكار غير سوية ولكنه عاجز تمامآ عن تخليص نفسه منها وتسود الوساوس في شكلها الخفيف عند جميع الناس ويظهر ذلك في عدم القدرة على إتخاذ القرارات وفي صعوبة التركيز وشرود الذهن أو النعاس ولكن الوسواس يصبح خطيرآ عندما يسيطر على الفرد ويفشل في الخلاص منه.
العلاج:
والعلاج لداء الوسوسة له أساليب ومدارس مختلفة وكلآ يتناوله من وجهة نظره العلمية التي يقتنع بها غير أن العلاج العام كما يقترحه الباحث النفسي (يوسف أسعد) هو: لكى أتحرز في البداية من الإصابة بالوسوسة فلا بد لي من الإرتباط بالواقع العملي على أن مثل هذا الإرتباط لا يتوفر للمرء الا اذا تمكن من إكتساب مجموعة من العادات السلوكية والعادات السلوكية تربط بين العادات والمهارات والوسائل..والمهارة يمكن ان تكون أدائية ويمكن أن تكون تعبيرية ويمكن ان تكون اجتماعية اووجدانية تأثيرية وكلما أكتسب المرء وسيلة جديدة للتعبير بها عن واقعه الداخلي وجعلها أحدى عاداته فإنه يكون قد أبتعد كثيرآ عن الإنزلاق في هوة الوسوسة.
اما إذا تمكنت الوسوسة من النفس فليس لها سوى الطبيب المتخصص الذي يكتشف أغوارها ويصف العلاج المناسب لها لقطع دابرها تمامآ.


رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:09 PM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com