خيانة الأسرار

((خيانة الأســـــرار)) لماذا يُذاع السر؟ وكيف؟ ولماذا نبحث عن إنسان نفضي إليه خفايا نفس لاتود البوح ولاالحديث..لم نعودها الصبر والكتمان والصمت على أسرارنا.. لم لانقوى على أنفسنا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2016, 08:47 AM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 296
افتراضي خيانة الأسرار

((خيانة الأســـــرار))


لماذا يُذاع السر؟ وكيف؟
ولماذا نبحث عن إنسان نفضي إليه خفايا نفس لاتود البوح ولاالحديث..لم نعودها الصبر والكتمان والصمت على أسرارنا.. لم لانقوى على أنفسنا ونطبق الشفتين على لسان يرمي بالثرثرة التافهة؟ نقول ونتحدث ونبوح بأشياء وأسرار هي تصرخ بعلو صوتها أنها لنا وأننا نمتلكها ولاتريد أن تخرج من داخلنا.. لكننا لانأبه بكل تلك الصرخات ولابذلك النداء الخفي ضد البوح ولا بحواسنا الخمس وصيحة الحاسة السادسة التي تصرخ فينا: الصمت..الصمت وبعد أن نتفوه بما لايجب أن يتفوه به إنسان عاقل وتسري أخبارنا إلى مسامع غير مسامع من أفضينا لهم نلوم ونصرخ.. نحطم..نتعذب ونعادي..أذن هم من خاننا وخان الثقة والصداقة والأخوة..هم من صافحنا بيد الغدر وواجهنا بإبتسامة الخديعة وأتساءل: هل من الصداقة ومن الأخوة أن نحمل الناس مالايطيقون حمله ومالانستطيع على تحمله نحن؟
إن ضاق صدر المرء عن سره فصدر من أئتمنته على سرك أضيق..قال لي عمي ذات مرة: (إسمع يا فهد إن لك قلباً وأحشاء فإن ضاق قلبك عن سرك فأودعه أحشاءك).
إننا البادئون بالخيانة والغدر خنا قلوبنا وأنفسنا..غدرنا بذلك السر الجميل الذي يجعل لنا كياناً وشخصية مميزة يجعلنا بشراً مختلفين عن الآخرين لأننا نمتلك ذواتنا ونقوم على خصوصيتنا لايزاحمنا فيها لسان أو آذان ولاتراقبنا عين إلا عين الله الخالق العظيم الذي شدد رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام عليه على الكتمان وكيف أن صاحب النعمة محسود إن لم يكتم أو يتكتم
(ذاك صاحب النعمة ) فكيف ونحن نفضي بما يهز كرامتنا ويصغرنا بأعين الآخرين وندلل على نقاط الضعف في أنفسنا لبشر أعطيناهم نحن مفاتيح الدوائر الحدودية بيننا وبينهم فأقتحموا علينا خلوتنا وحرمونا من التمتع بخصوصيتنا فغدونا بأيديهم أجساداً ممسوخين نحاذر من فقدهم أو من المساس بمشاعرهم نحافظ من خلالهم على أسرارنا.
وقد يسأل البعض: هل يعني ذلك أننا نفقد الثقة في كل من هم حولنا ونصادر البوح الذي يشعرنا بلذة غامرة وسعادة لا حدود لها؟ هل نفقد المشاركة الوجدانية بين بعضنا البعض؟
أجل فلنصادر البوح ونعدم الثقة إن لم نجد الصديق الصدوق الذي وضعناه سلفاً على محك التجربة إنه من غير المعقول أن نعطي الثقة لمن نصادف أول وهلة ونشرح ما بداخلنا على بساط السذاجة بدعوى الطيبة والبراءة فبقدر ماتكون كتوماً تكون صديقاً صدوقاً .
قال بن حزم في كتابه (طوق الحمامة) : (إن الكشف عن السر عند أهل العقول وجه مرذول وفعل ساقط وسبب ذلك أن يرى المُحب من محبوبه غدراً أو مللاً أو كراهة فلايجد طريق الإنتصاف منه إلا بما ضرره عليه أعود منه على المقصود من الكشف والإشتهار وهذا أشد العار وأقبح الشنار وأقوى بشواهد عدم العقل ووجود السخف وربما كان الكشف من حديث ينتشر وأقاويل تفشو توافق قلة مبالاة من المحب بذلك ورضى بظهور سره إما لإعجاب وإما لإستظهار على بعض ما يؤلمه وقد رأيت هذا الفعل من بعض اخواني وقرأت في بعض أخبار الأعراب أن نسائهم لايقنعن ولايصدقن عشق عاشق لهن حتى يُشتهر ويكشف حُبه ويجاهر ويعلن بذكرهن ولا أدري مامعنى هذا على أنه يُذكر عنهن العفاف وأي عفاف مع امرأة أقصى مُناها وسرورها الشهرة في هذا المعنى).
إن أجمل ما يسترنا في الدنيا لباس التقوى وكتم السر فليكن لديك عزيزي..عزيزتي ذلك السر في داخلك الذي يجعلك مميزاًعن الآخرين..فلتمتلك مالايمتلكه الغير يحيطك بهالة من الخصوصية والروحانية المجنحة لترنو إلى الأعلى شامخاً مزهواً بما تملك وسوف تشعر بنشوة أشهى وأعذب من لذة البوح الآنية.
وإن كان لابد من البوح لإمتلاكك قلباً ساخناً وصدراً ضيقاً حرجاً فافض به إلى غائرات النجوم وإلى صادحات البلابل والزهور وإلى الفضاء وإلى رب تلك قاطبة.. أو تحايل على الكلمة وأتخذ الغموض سبيلك وبح لقلمك وتأكد أنه لن يتخذ عليك دليلاً فهو الصامت الأبدي له لسان مفاتيح أقفاله بين يديك.


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاشرار, خيانة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 AM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com