آه من الذكريات - مدونة فهد الحربي
 


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2024, 06:37 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 311
افتراضي آه من الذكريات

((آه من الذكريات))


ليس من السهل أبداً أن يتخلى المرء عن شيء عزيز عليه..قد يكون هذا الشيء العزيز إمرأة..أو بيتآ..أو سيارة..أو شجرة..أو حتى قطة أو طائر؟
فالرجل الذي يعيش مع إمرأة لفترة من الوقت يصعب عليه تطليقها ومفارقتها حتى لو كان في الطلاق من هذه المرأة راحة تامة له..والذي يطلق زوجتة تنتابه عادة الهواجس والظنون وربما خالطت أحلامه الكوابيس..وكذلك المرأة التي تطلب الطلاق من زوجها فقد تظل بعد الطلاق ولفترة قد تطول أو تقصر أسيرة الهواجس والأفكار أو يسيطر عليها الاكتئاب والحزن وتكون المرأة في هذه الفترة ضعيفة جداً وربما تقع ضحية لتجربة عاطفية سريعة بطلها رجل (ثعلب) خبير في أحوال النساء!!
وليس من السهل أن ينسى المرء سنوات العشرة مع شريكه بما فيها من ذكريات جميلة وأخرى مؤلمه..حيث إن الدقائق والساعات والأيام والشهور التي انقضت بينهما تظل عالقة في الضمير والقلب والعقل فإذا كان الرجل قد استأصل من حياته المرأة فإنه يتعذر عليه أن يستأصل معها هذه العشره وقد يحتاج إلى وقت قد يطول ليتسنى له نسيانـها إن كان ذلك مستطاعاً.
أعرف رجلاً كان يظن أن طلاقه من زوجته سيعيد إليه الراحة والفرحة والخلاص من المشاكل..لكنه وبعد تطليقه لزوجته شعر بفراغ مفزع ووحدة قاتله واكتشف أن مشاكله اليومية مع زوجته كان لها طعم آخر وإنـها أخف وطأة مما يعانيه الآن.
إن الزعل والرضا والغضب والإبتسام والفرح والحزن قد تشكل خطين متوازيين في حياة الزوجين أو في المسيرة الزوجية ولذا يعتاد كل منهما على هذا النمط من الحياة ويشعر المطلقان بعد فترة وجيزه من انفصالهما بفقد تلك المتناقضات التي من شأنها أن تلون الحياة وتكسبها حيوية وتجديداً.
أعرف امرأة ظلت قرابة السنة تبكي قطتها التي دهستها السياره ورغم توافر العديد من أنواع القطط في السوق إلا أن المراة كانت ترفض أن تأتي بقطة أخرى لتملأ الفراغ الذي تركته الأولى.
وأعرف شابآ كان يهوي طائراً مغرداً يطعمه بيده..يصفر له ويفتح له باب القفص فيخرج ويطير ليقف على يده وكان يقضي معه وقتاً جميلاً من كل يوم وحضر ذات يوم ليلاعبه فوجده ميتاً فحزن عليه أشد الحزن وظل لأيام طويله يحضر إلى القفص يكلم الطائر وكأنه موجود ويصفر له ويفتح باب القفص الخالي ويرفع يده عاليآ بانتظار أن يحط الطائر عليها.!
وأعرف رجلاً باع بيته وتنازل عن كل مافيه إلا شجرة كان قد زرعها صغيرة وظل لسنوات طوال يرعاها حتى اشتد عودها وأصبحت شجرة عاليه وقد آلمه أن يتركها بعد كل هذه السنين وخشي عليها من الإهمال والتلف فأخذها معه وزرعها في بيته الجديد وفي كل صباح كان يقوم على رعايتها كما أعتاد أن يفعل معها في السابق وربما تجاذب معها الحديث.!
لذا..
وجدت نفسي أبكي وأنا ألقي النظر الأخيرة على البيت الذي عشت بين جدرانه فترة طويلة من الزمن وفيه تقاسمت الذكريات مع من أحب..لم يكن سهلاً عليّ أن يتم بيع هذا الوطن الصغير أو أن أفارقه إلى الأبد وقد عشت أجمل أيام عمري فيه وربما أتعسها..ولكنها موازنه عادله كالملح والسكر وبدونـها تظل الحياة جامدة الأحاسيس.
أتذكر أني بكيت كثيراً وأنا أحمل أشيائي إلى بيت آخر جديد بكيت الدور والجدران والزوايا والأشجار شعرت أن شيئاً مهمآ قيمآ قد ضاع مني إلى الأبد وأني خلفت ورائي كما هائلاً من الذكريات لكن ما حيلة المضطر؟!
عزائي أن الذين أحببتهم كانوا وما زالوا يسكنون في القلب والعين والضمير..وأن الذكريات لن تظل حبيسة الجدران ولعلها رافقتني إلى حيث أقيم الآن دون أن أشعر وستظل تنبض بالحياة طالما ظلت أيامي تشتعل نبضاً.
ليس البيت وحده عزيزاً على قلبي بل كل بقعة في أرض جمعتني بمن أحب هي أيضاً عزيزة على قلبي فالمشاعر والعواطف لاتحدها جدران ولاحدود.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 AM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com