أهل الهوى - مدونة فهد الحربي
 


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-23-2024, 06:50 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 311
افتراضي أهل الهوى

((أهل الهوى))

أجمل مافي الدنيا هي الصحة وأغلى مافيها هي العافية فالإنسان لايستطيع أن يعيش راضيآ سعيدآ في هذه الدنيا بلا صحة ولاعافية فما جدوى مال يصحبه مرض.؟ مامعنى حياة بلاحيوية ولاحركة ولانشاط.؟
نحن حتمآ لانعترض على ذلك وأعتقد أننا كلنا نحب أن نكون كذلك وأظن أننا الآن نعرف ضرورة تناول الطعام الصحيح الذي يكفل لنا الصحة ويمنحنا العافية..هذا الطعام السليم يوفر لنا الطاقة اللازمة التي تدفعنا لتسيير حياتنا نحو الأفضل والأجمل بعون الله تعالى.
لكني أحب أن أوضح شيئاً أعرف يقينا أنكم تعرفونه فقط (ليطمئن قلبي) نحن حتماً نعرف أن القلب ينبض بطريقة منتظمة حوالي 72 مرة في الدقيقة الواحدة وأتصور أننا أيضاً نعرف أن الانفعالات القوية قد تسبب في اضطراب دقات هذا القلب كما قد تؤدي إلى ظهور أعراض مرضية أخرى.. لكن عن طريق السيطرة على تلك الانفعالات نستطيع أن نتحكم بعون الله في تأثيرها على الصحة والمرض.
فالقلب لايحتمل الهم والغم كما لايطيق الضيق والقلق خصوصاً إذا طال وقته واشتد عذابة فعندما يشعر الشخص المصاب باليأس والأسى نراه يستسلم لحالته النفسية الراهنة وهنا مكمن الخطر..وأي خطر يشهد على صحة ذلك كثير من الحكايا العاطفية والمواقف الإنسانية التي سجلها تاريخ البشر بالذات تاريخ العرب القديم الذي يحفل بوقائع أقرب ما تكون إلى الخيال.
سأحكي لكم بعضاً مما جاء في هذا المجال ..
سأل بعض الأطباء عن العلل والأوجاع التي تصيب أهل الهوى وهل أعراضها تختلف عن العلل والأوجاع الناتجة عن غير هذا السبب؟! فقالوا : لافرق بين هذا وذاك فالإنسان خلق ضعيفآ والهوى مرض لاقبل لهم به..بل إنـهم قد يدعون الله طلبآ للشفاء منه وقالوا: قد رأينا جماعة من العشاق يدعون الله أن يعافيهم من العشق ولو كان اختيارياً لأزالوه من نفوسهم.
أيضاً ذهب جماعة من الأطباء وغيرهم إلى أن الهوى مرض وسواسي يجلبه المرء إلى نفسه وهو يتفاوت ويختلف من إنسان لآخر تبعاً لاختلاف طباع الإنسان نفسه الذي قد يكون رقيق القلب..مرهف الشعور..لطيف الطباع حينئذ لايستطيع إلا أن يستسلم واهناً لآلام القلب الضعيف الذي يعاني العذاب وفي هذا يقول قلب الشاعر:
أنا في عافية إلا.
من الشوق إليك.
أيها العائد ما بي.
منك لايخفى عليك.
لاتعد جسماً وعد.
قلبآ رهينآ في يديك.
وفي ذلك المعنى يقول (أبو القاسم محمد بن عبد الرحمن) في كتاب (روضة القلوب ونزهة المحب والمحبوب) شاهدت امرأة تزوجت جنديآ وكانت تحبه حبآ كبيرآ حتى أنها كانت لاتصبر على فراقه لحظة واحدة وكان إذا مشى إلى نوبته للحراسة بالقلعة كانت تتغطى وتظل قائمة قبالته تطالعه طوال وقت عمله حتى ينصرف عائداً إلى بيته حيث يلاطفها ويعاملها معاملة طيبة تزيدها تعلقآ به وعشقاً.
وذات يوم دخل عليها غاضباً من كلام جرى بينه وبين رئيسة أثناء نوبة عملة فلما دخل البيت لم يلتفت إليها وظل غافلاً عن وجودها فظنت أنه غاضب منها هي فأرتاعت وجزعت وأصابها غم شديد خصوصاً وأنه مكث عندها ساعة دون حتى أن ينظر إليها..حينئذ أشتد خوفها وعظم بخاطرها التخيل فلما خرج خرجت خلفة كعادتها فنهرها وزجرها فعادت إلى البيت دون أن تشك لحظة أن غضبة هذا جاء بسببها فرجعت وجعلت في رقبتها حبلآ وشدته في السقف فأختنقت به وماتت.
كانت هذه واحدة من تلك الحكايات العجيبة التي يحفل التاريخ بالكثير منها والتي تثبت أن الانفعال الشديد قد يخرج المرء عن صوابه هذا صحيح وهذا ما تحاول أن تثبته تلك الحكاية وغيرها التي غالباً ما تكون حكاية من نسج الخيال إلا أنها غالباً ما توحي بمايمكن أن يحفل به الواقع من مواقف وأحداث تتعلق بسقم الهوى..أي وجع القلب عندما يصيبه الجوى والفراق والنوى وفي ذلك يقول (الطغرائي) :
مرض النسيم وصح الداء الذي
أشكوه لايرجى له فراق
هذا خفوق البرق والداء الذي
ضمت عليه جوانحي خفاق
وهكذا يتابع الشاعر العربي القديم أعراض السقم والعلل على المريض العليل الذي ينفطر قلبه انفعالآ حتى تكاد مقلة عينه تسيل يؤكد هذا قول ذاك الشاعر القدير الذي يصف حاله بعد ذلك المرض الذي أصاب نفسه:
وقائلة ما بال دمعك أسودآ
وقد كان محمرآ وأنت نحيل
فقلت دمي ودمعي أفناهما البكا
وهذا سواد المقلتين يسيل
ولا أعتقد أن هذا الأمر العسير على أولئك الناس المرهفين بيسير فهل لهم من معين غير رب العالمين؟.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:47 AM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com