عرش الجمال الخالد

((عرش الجمال الخالد)) سيدتي الجميلة أين أنت من الغيد الحسان؟ من الغواني اللواتي أستغنين بجمالهن عن كل زينة ؟ أين أنت من سحرك ومن جمالك الفطري الوضاء الباهر؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-26-2024, 09:51 PM
الصورة الرمزية فهد الحربي
فهد الحربي فهد الحربي غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 296
افتراضي عرش الجمال الخالد

((عرش الجمال الخالد))



سيدتي الجميلة أين أنت من الغيد الحسان؟ من الغواني اللواتي أستغنين بجمالهن عن كل زينة ؟ أين أنت من سحرك ومن جمالك الفطري الوضاء الباهر؟ الذي دفع بالبعض إلى أن يقف مشدوها أمامة ولاسبيل له غير الصمت لذهولة أوالإعلان الصريح عن انبهارة بذلك الجمال كالشعراء والأدباء حتى العلماء والزهاد الشباب منهم والشيوخ..كل هؤلاء عبروا عنك بشتى الطرق لدرجة أن البعض اندفع مقدمآ الأعاجيب لجمالك ياسيدتي منذ العصر الجاهلي حتى يومنا هذا..ومع فارق الزمن والذوق من منا يكره الجمال؟ ومن منا يفضل القبح أو البشاعة؟ بالطبع لايوجد من يبغض الجمال ويفضل البشاعة وإلا كان مختلآ في عقلة وذوقة وعلى عكس الطبيعة فالجمال متفاوت والذوق متفاوت والحكيم يقول: (كل النساء حسنهن واحد لايوجد من هي أحسن من الأخرى) وهو يقصد أن الجمال متنوع ومتعدد الأشكال ولاتوجد امرأة كاملة في حسنها فالكمال لله وحده.
كنت يا سيدتي الجميلة عنوان الجمال المتميز وليس أدل على ذلك وصف رجل من غطفان لك عند الخليفة الأموي (عبد الملك بن مروان) بأوصاف خيالية حتى تعجب الخليفة قائلآ: (ويحك ومن أين أجدها؟) فقال له: (تجدها في خالص العرب أو الفرس)
سيدتي أين أنت اليوم من اللواتي صرعن (جرير) حتى قدم لنا بيتين من أروع ما قيل في الغزل ذلك الوقت إذ قال:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لاحراك به
وهن أضعف خلق الله أركانا
تلك العيون الكواحل التي لم تستخدم كحل (شانيل) أو ألوان التظليل من (أستيه لودر) تلك العيون التي لم تعرف العدسات الملونة الخضراء والزرقاء والبنفسجية.. تلك العيون لم تعتد سوى الكحل العربي السائد ذلك العصر..نحن لانطالبك سيدتي بإستخدام الميل العاجي والمكحلة إنما لكل عصر ميزاتة وعجائبة والحكمة تقتضي الإعتدال في كل شيء.
سيدتي الجميلة أين أنت من (هريرة) حين وصفها (الأعشى) بقوله :
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل
تلك الغراء بيضاء الجبين الفرعاء المسترسلة الشعر لم تكن يومآ ضحية الأصباغ وخصوصاً اللون الأصفر..تلك الفرعاء التي لم تجلس يومآ تنتظر دورها عند الكوافيرة التي تلعب بشعرها كالمجنونة يقول الحكيم (إن من تصبغ شعرها لتخدع الناس تعتاد الخداع في كل شيء فلا تجعلي هذه النظرية تنطبق عليك وكم من كثيرات يصبغن ولم يعتدن الخداع ولايعرفنه)
سيدتي الجميلة: أين أنت من (أسماء) و(المرقش) يحتضر بين يديها وكانت آخر كلماتة أبياتآ تضم وصفآ بأنـها أسيلة الخدين ذات فرع وجيد.. أنت ياسيدتي التي جعلت (عبد الله بن عجلان) يسقط ميتآ عندما التقت عيناه بمحبوبته (هند) وهو القائل:
غراء مثل الهلال صورتها
أو مثل تمثال صورته الذهب
تلك الطلة البهية..تلك العروبة المتاصلة في شخصيتك... تلك البيئة التي درجت بها منذ طفولتك حتى صباك وعشت بين ثناياها من صحاري وهضاب ووديان وسهول طبعت فيك رمزاً من رموز الجمال الفريد..غير أن اليوم وفي عز شبابك لايرى منك سوى كتلة من المساحيق والأساس الكونسيلر والبلاشر تدل على إرتيادك الدائم لصالونات التجميل والتي يطلق عليها البعض (ورشة الإصلاحات النسائية)
وفي الحقيقة إذا فقدت المرأة جمالها عمدت إلى الجمال الإصطناعي ولكن لن يعوضها عن جمالها الطبيعي شيء لاتؤكدي هذه الحقيقة على نفسك خصوصآ بعد (التاتو) الوشم المؤقت للشفاه والعيون.
يقول (برناردشو): (إذا وجدت امرأة غير جميلة فذاك ذنبها أن المساحيق خلقت لتكون كل النساء جميلات) إذ قد يفهم البعض أن المساحيق للقبيحات فقط ولكنها لجميع النساء لزيادة الجمال ولايوجد من يعارض إستخدام المساحيق ولكن إستخدميها بحدود المعقول حتى لاتظهري بصورة (البعبع) حيث إن هناك الألوان والمواد الراقية والمضمونة وهناك أيضاً حسن استغلال وتطويع لتلك المواد والمساحيق لتقدمي لنفسك صورة ترضيك..قدمي مظهرآ مشرقآ لا باهتآ أو منطفئآ إنما يوحي بالصحة والعافية..عرفناك سيدتي الجميلة بصفاء بشرتك ونقائها..عرفنا شفاهك بلونـها الأحمر الطبيعي وليس الفضي أو البني الشاحب..عرفنا أناملك الرقيقة بشفافية أظافرها ولم نعلم يومآ أنها كحيلة ودموية من أصناف الطلاء العجيبة.. تقول إحدى النساء في أوروبا ويطلق عليها مدام (نتالي): (إذا أردت الترويج لأي شيء أعرضه على النساء أولا فسيقبلن به لأنهم جاهلات ويذعنه على الناس لأنهن ثرثارات وأخيرآ يدافعن عنه لأنـهن عنيدات) لا تسمحي ياسيدتي لأي شخص مهما كان أن يحكم عليك هذا الحكم فهذا تعميم لايجوز على الجميع..أتعتقدين يا سيدتي أن المرأة العربية لم يكن لديها ما عندك اليوم من ألوان وضروب التجميل؟
لقد كان لدى المرأة العربية فنون من التجميل العجيبة من التكحل والتنميص التزجيج والتفليج والوشم والوصل الخضاب والتلمية ولكنها للواتي حرمن الجمال.
ثقي تمامآ أن جمالك في مذهبك وليس في ذهبك ومظهرك..كوني رمزاً للجمال المعنوي أنت الأم والأخت والزوجة والابنة..كوني كالمتوجة في مملكتك السعيدة لا كالسلعة المتبادلة تلبسين قميصآ مرقعآ بأسوا لقاء عالمي للألوان فقط لأنه مجرد ماركة..تحملين حقيبة طبع عليها شعار الماركة المنتجة لها فقط لأنـها من (فرساتشي) أو غيرها..لاتسمحي لنفسك ياسيدتي بأن تكوني كبعض المواقع كلها إعلانات تمشين وكأنك تروجين لهذه الماركات يقول أحد مصممي دور الأزياء: (نحن نصدر منتجاتنا للشرق ولكن بعد طبع إسم الماركة عليها بشكل بارز وملفت للنظر فهذا الذي يعجب الشرقية بريق الذهب وغلاء سعره)
كيف لهذا الشخص أن يحتال ويحكم على الشرقية بمثل هذا وكيف لبعض السيدات الجميلات أن يدخلن المحلات ويشترين منها لأنها ماركة ممتازة وخاماتها لامثيل لها مثل (بيركاردان) أو (ماكس مارا) أو غيرها وهذا أمر مستحب ويدل على حسن الذوق غير أن الواحدة ترتديها وهي لاتكاد تناسب قوامها إما لشدة النحف أو لشدة السمنة بسبب إرتياد المطاعم والتهام الفاست فود!
لسنا ممن يدعو لإرتداء برد الشام وأوشحة اليمن أو العودة للمرط والميدع الدرع والمشلح ولكن كوني كالتي بهت الشاعر حين رأى حسنها وقدها فقال:
فما هي إلا أن أراها فجأة
فأبهت حتى لا أكاد أجيب
هل كانت يا ترى تضع العدسات الزرقاء والوجه أسود متمشية مع (عمر بن أبي ربيعة) القائل: (زرق العيون وسود الوجوه) أم أنـها كانت تلبس فستان نينا ريتشي وكريستيان لاكروا حتى بهت وصرع الشاعر؟ أم هي التي صنعت الذوق بنفسها بذاتـها..نعم وبمحض إرادتها لم تجعل الموضة تخلق منها أداة ونموذجآ لإبتكاراته المتطرفة.
سيدتي الجميلة: لو لم تكن الموضة شيئاً قبيحآ لما أضطررت لتغييره كل موسم..هل تعلمين السر الحقيقي للحصول على الذوق الرفيع هو أن تطوعي الموضة لإرادتك أنت لتلاحقك وتناسبك وتجاربك في لونك وقوامك وفي سنك وطبيعتك الشخصية ونمط عملك.. لا أن تلاحقيها وتتبعي كل جديد فيها سواء أكان يناسبك أم لا؟
سيدتي الجميلة: ثقي تماماً بأن ثروتك تكمن في عقلك وتفكيرك ومبادئك التي تتمسكين بها إلى النهاية مهما صادفت من تيارات معاكسة ومضادة ستكونين أنت المنتصرة في النهاية مادمت قوية وغير مترددة فهناك يكمن الجمال الحقيقي الروحي والشخصي الذي يفرض نفسه على جميع من يقابلونك ويجدونك وقد طرقت قلوبهم وأستضفت نفسك فيها وأكتسبت محبة الجميع من خلال تلك الروح البسيطة والمتواضعة.
أتدرين يا سيدتي الجميلة ما الذي جعل (أبن الملوح) وغيره يصابون بالجنون؟ هل لجمال (ليلى) وسواد عينيها والذي لم يكن سببآ رئيسيآ إنما لأنـها كانت أفضل نساء عصرها ادبآ وأملحهن حديثآ..أسلوبها لبق وظريف مؤنسة ولطيفة القول وحلوة المعشر فالفرق إذآ واضح كالشمس بين الجميلة وبين الجذابة..الجميلة حباها الله بالنعم وقد ينقصها الخلق والروح المؤنسة.. بينما الجذابة هي التي تسلب الجميع حتى لايمكن إيجاد أي مثلب واحد فيها طالما حصلت على الرضى العام بتلك الجاذبية يقول جان جاك روسو: (أن الجمال والثقافة أو الجمال والعقل وحسن الخلق يندر أن يتفقا في إمرأة ) ولكن يمكن وجود ذلك لو أثبت يا سيدتي الجميلة أنك سيئة أولآ وجميلة ثانيآ وقبل كل هذا أنت إمرأة تضمك روح الإسلام الطاهرة التي توجهك وتقف بجانبك في كل الحالات يقول الشاعر بشر الأسدي:
ليس المليح بكامل في حسنه
حتى يكون عن الحرام عفيفآ
فأنت إذآ المليحة..العفيفة..المسلمة والتي أنحدرت من أشد أمم الأرض بأسآ وأسماها نفسآ وأرسخها في المكرمات إقدامآ وأرحبها في المجد ذراعآ..أنت التي وثب بها الإسلام ووثبت به وأنتهى بك لأبعد مدى في الرقي والتحضر ونهج لك أوضح سنة من الفضائل وألبسك أحسن لبوس من جلال الكمال والخلال فالزمي عرشك الذي أنت عليه حتى تكوني السيدة الأولى المتربعة على عرش الجمال الخالد.


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 PM.



© جميع الحقوق محفوظة لـ فهد الحربي - fahad.alharbieer@gmail.com