الذكرى

[فهد الحربي]

الذكرى

حينما تكون وحيداً ومتوحشاً.. وحينما يرحل عنك أعز الناس على قلبك أو حينما ترحل عن الأهل بعيداً، فإبحث عن بصيص الأمل أو عن نور أو قلم يشد إليه شغاف القلب أو أبحث عن لهب أو نسيمات تنـزوي معها آهات العمر.
إذ لابد أن تأتي ذكرى غالية تشد إنتباهك وتحرك شيئاً ما.. في داخلك فيحترق الشوق ويذوب الحب في أتون تلك الذكرى وتغمس في متاهات العمر لتقتل الإحساس بالحب المفقود.. وتبقى الذكرى التي تسرد لنا عن تلك الليالي الخوالي!
متى نتمنى الرحيل ونفكر في الوداع الأخير؟
متى نصرف أو نذرف دموع العين ؟
ومتى يستحق الرمق الأخير والنظرة الخاطفة المثيرة... وعلى من نذرف الدموع... دموع الحزن!
أترانا نلتقي قبل الوداع ونودع بعضنا بعضاً بعد اللقاء ؟
سؤال يتبادر كلما حاولنا الفرار.. أترانا نفترق جسداً ونلتقي روحاً وقلباً ..
أسئلة ممتدة على جانبي حياتنا وكثيرة على رصيف الذكرى.. تلك الذكرى الباقية..
المؤلم والمحزن كل الأسئلة تحمل بين جانبيها حقائب مليئة بالألم بل وأقنعة الحزن اللامنتهي منذ الأزل، على كل سؤال ولد يتيماً لتلتف به الظروف ويعيش الواحد منا لاجئاً في كف النسيان.
أسئلة حائزة تنتابنا مع مرور تلك الذكرى وتساؤلات يتيمة شاردة لم تبصر نور العالم ولم تر شمس الأصيل وغروب القمر في تلك المتاهات ماذا تفعل؟
* لعمري قد افتقدك ولكن حالت بيننا المقادير وأبعدتنا؟ أنت البعيد القريب بعيد جسداً وقلباً .. وقريب روحاً وقلباً .. بعيد بعد المشرقين وقريب قرب العينين إلى بعضهما.. لعمري أنت من أقصد ومن أريد.. فجمعتنا الأقدار ذات يوم وفرقت بيننا ذات يوم!!
أتراني بعد هذا العمر .. أنسى ذكراك هذا هو المستحيل!
لقد علمني فراقك شيئاً إسمه الصبر، وأي صبر هذا صبر جميل وحزن طويل بلا إنقطاع وتعلمت البكاء طويلاً، إذا لا راحة للعين بعد الفراق.
لم أنس أن أقول بأنني تعلمت منك الكثير وعلمتك أكثر بكثير!
أيتها الذكرى دائماً زوريني ما بين الغياب والحضور.
يموت قلبي لحظتها.. وتبكي عيناي حرقة على هذا الفراق الرهيب الذي لم أضعه في الحسبان أن يأتيني بغتة هكذا ويختطف القدر أعز الناس لنا ؟
أتصدقين بأنني بت أنتظر بلهفة شديدة بأن تأتيني في حلمي ولكن حتى في أحلامي حزن وشقاء وضيق وبلاء من بعد هذا الفراق .
وبالرغم من هذا أتمنى عدم الإستيقاظ من تلك الغيبوبة والبقاء للأبد.
ترى هل تحملني الغيبوبة إلى عصر الفراعنة لعلي أجد من يعطيني عسلا من طبهم القديم لمداواتي مما أصابني بعد هذا الفراق .. وأتمنى ألاأجد أحداً يوقظني من هذا الحلم .. وإن كانت هناك يد حانية تمتد نحوي لتنتشلني من حلمي هذا فستزيد الحسرة.. وسأجد نفسي في صحراء التيه بعد ولوج هذا الحلم من بوابة أحلامي.

وستبقى الذكرى.. ذكرى عالقة في القلب والوجدان لهذا الفراق الأبدي وهذه هي الحياة!