التخطيط للمتزوجين

[فهد الحربي]

التخطيط للمتزوجين

سأتحدث إليكم أيها الأحباب عن تخطيط الحياة وكيف أن هذا التخطيط يساعدكم في الحصول على السعادة المرجوة، التي تدوم طويلاً إن شاء الله، ولا تنتهي بإنتهاء الحدث السعيد وأوجه حديثي للشباب والفتيات المقبلين على الزواج أو المتزوجين بالفعل، ولم يقوموا بالتخطيط لحياتهم قبل الزواج والخطة التي أتحدث عنها خطة غير تفصيلية، ولكنها تحدد لنا الخطوط العريضة التي نسير عليها في مختلف أمور الحياة لتجنب الوقوع في الخلافات كثيراً.
ما البنود الرئيسية لهذه الخطة ؟
قبل ذكر البنود يجب أن نعلم أيها الأحبة أن الحياة الزوجية مشاركة بين طرفين، في كل أمور الحياة وعلى كل من هذين الطرفين السعي وراء تخطيط كل الأمور الخاصة بحياتهم، ويحدث ذلك منذ البداية، عندما يدق قلب الشاب، ويقصد منـزل فتاة بعينها، ويطلب من أهلها الإرتباط بها، وتتم الموافقة ويشرعون في الإعداد للزواج، منذ تلك اللحظة يضع الشاب والفتاة سوياً خطة يهتدون بها في حياتهم، لكي تساعدهم في إنجاح هذه الحياة من أجل الحصول على السعادة الدائمة التي يرجو كل شاب وفتاة أن يعيشوا فيها.
البند الأول في الخطة : أن يختار الشاب والفتاة المنهج الذي يحكمهم في حياتهم ويلتزموا به في كل أمور الحياة السعيدة والحزينة وشرع الله عزوجل هو المنهج المثالي للحياة لأن الله هو الذي خلقنا ويعلم أسرار نفوسنا وما يناسبها في كل موقف فإذا كانت هذه هي البذرة التي سيقوم الشباب والفتيات بوضعها في تربتهم ويقومون برعايتها والحفاظ عليها، فسوف تظلل عليهم ثمارها مدى الحياة، ولنعلم أن هذا المنهج الرباني الخالي من أي أخطاء إتباعه يعود علينا بكل الخير علينا وعلى أبنائنا ويساعدنا في خلق مجتمع قوي صحيح في ظاهره وباطنه، يشبه كثيراً في ملامحه مجتمع الأوائل من السلف الصالح.
البند الثاني في الخطة: تحديد العلاقات بكل جوانبها، علاقة الزوجة مع زوجها، والزوج مع زوجته، وأنها يجب أن تقوم على الإحترام المتبادل والمشورة، وعدم الإستخفاف بمشاعر كل طرف من الطرفين، وليكن قدوة الشاب في ذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وكيف كان يحسن إلى أهله ويشاورهم في كل الأمور وعلى الزوجة أن تكون قدوتـها في معاملتها لزوجها وتربية أولادها أمهات المؤمنين والصحابيات الصالحات، وبالتخطيط للحياة من أجل تحقيق السعادة تجد نفسك قد حققت المعادلة الصعبة التي تقول ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) فليس التخطيط للحياة من باب طول الأمل والتعلق بالدنيا ولكنه لتحقيق الإستقرار النفسي والحفاظ على الحياة الزوجية، والعمل على وجود الإحترام المتبادل بين الأهل جميعاً لخلق منظومة متكاملة وواضحة للحياة الزوجية.
البند الثالث: الأمور المالية فعلى الشاب والفتاة المقبلين على الزواج تحديد الأمور المالية وكيفية التصرف فيها وإن كانت الفتاة أو الزوجة تعمل أم لا، وهل ستشارك في الإنفاق أم لا، لأن النقاش في هذه الأمور بعد الزواج يحدث الخلافات بين الزوجين.
وقد يجد بعض الشباب أن الأمور السابقة التي تحدثت فيها سابقة للأوان، وليس من المهم التحدث فيها قبل الزواج، ولكن في حقيقة الأمر أن هذه الفترة يجب أن يكون أهم ما يميزها الصراحة والوضوح في كل الأمور، فلا يتجمل الشاب أمام الفتاة بتصرفات ليست من طبيعته، وكذلك الفتاة، فكل طرف يجب أن يكون على طبيعته الحقيقية، وإذا وجد أحدهم نقاط إختلاف، فليعلموا أن هذه الأشياء طبيعية، حيث كل منهما نشأ في بيئة مختلفة عن الآخر، وله طباع وطريقة حياة مختلفة أيضاً، فإذا كانت نقاط الإختلاف هذه مقبولة من الطرفين، ولا تسبب حدوث فجوة في المستقبل، فلا مشكلة في قبولها، والطريقة السابقة توجد نقاط تفاهم مشتركة بين الشاب والفتاة التي أختارها قلبه، وذلك للحفاظ على السعادة الدائمة المستمرة التي نرجوها.
ويجب أن يعلم كل شاب وفتاة أننا لسنا ملائكة نمشي على الأرض فإذا خططنا لنعيش حياة مستقرة وأستخرنا الله ثم أستشرنا ذوي الخبرة وتوكلنا على الله فيجب أن نعلم أنه لابد من حدوث مشاكل، ولكن علينا أن نتعامل معها كما سبق أن حددنا سوياً من قبل بشرع الله، الذي لم يترك كبيرة ولا صغيرة في حياتنا إلا وأوجد لها حلاً ، وإذا كان لابد من دخول حكم بينهما يكون هذا الحكم قد تم إختياره أيضاً من قبل، ويكون مقبولاً منهما سوياً، ويحاول كل طرف عدم تصيد الأخطاء للآخر، ويحاول كظم الغيظ والعفو.
وأخيراً وليس آخر أيها الأحباب، إننا في بعض الأحيان نجد أزواجاً وزوجات يعيشون في سعادة معظم أوقاتـهم، ونتعجب لهم كيف يعيشون كذلك، مع أن الأغلبية العظمى من المتزوجين يعيشون في صراع وخلاف معظم الأوقات؟ ولكن بشيء من التخطيط الجيد للحياة والصبر على الطرف الآخر، والفهم الجيد للاختلاف في طبيعة الرجل والمرأة ، ستجعلنا ننضم إلى الفئة القليلة، لتصبح هي الأغلبية العظمى، ويتغير شكل الحياة الزوجية إلى الوصف الذي وصفه الله عزوجل ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) وليجعل كل شاب قدوته النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان يحسن عشرة زوجاته ويتودد إليهم، حتى كانت كل واحدة منهن تشعر أنها الأقرب إلى قلبه، وعلى الفتاة لتي تريد بناء بيت صالح، وتساعد في وجود جيل قوي أن تقتدي بأمهات المؤمنين والصحابيات في تعاملها مع زوجها، وفي تربية أولادها، وتهتدي بهن في حياتها، لأنـهن من بني الجيل المسلم الأول، الذي قامت على يديه الفتوحات والبطولات والحضارة الإسلامية التي كانت تنير العالم أجمع